الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على مَن أرسله الله رحمة للعالمين.. وبعد،،،
فإن الإعجاز البلاغي للقرآن الكريم من أعظم وجوه الإعجاز؛ لأنه تخلل كل آيات القرآن الكريم ومفرداته؛ ولأنه مصدر التحدي الأول للعرب وقت نزوله، ومن مظاهر هذا الإعجاز ظاهرة بلاغية هي" ظاهرة الإظهار في مقام الإضمار"، فهي فن جميل يُكسب الكلام جمالًا وبهاءً، ووقع كثيرًا بين آيات القرآن الكريم، وقد كان السبب في اختيار هذا الموضوع هو العمل على إظهار إعجاز القرآن الكريم، وبيان أن الإظهار في موطنه إعجاز كما أن الإضمار في موطنه إعجاز، وكل يؤدي دوره في حبك وسبك يبرز المعنى ويقويه، خاصة أني اخترت تفسيرًا اهتم بهذه الظاهرة وهو تفسير الإمام الطاهر بن عاشور(التحرير والتنوير)، واخترت كذلك سورتين عظيمتين من سور القرآن هما: سورتا الأنفال والتوبة مما تدور الدراسة حولها، وقد تتبعت المنهج الاستقرائي التحليلي فتتبعت مواضع الإظهار في مقام الإضمار في تفسير ابن عاشور، ودرست الآيات وحللت ما أمكنني من ذلك، وكذلك تتبعت الآيات التي لم ينص عليها الإمام ووجهتها ما أمكنني ذلك حتى يكتمل البحث بجميع المواضع التي ذكرها الإمام ابن عاشور والتي لم يذكرها؛ تتميمًا للفائدة، وقد خلصت بعد فراغي من الرسالة قدر طاقتي إلى:
1-    أنَّ ظاهرة «الإظهار في مقام الإضمار» من الأهمية بمكان، ودراسته مما يعد من مظاهر إعجاز القرآن الكريم البلاغي.
2-  أنَّ علماءنا وأئمتنا من المفسرين والبلاغيِّين قد عنوا بهذا اللون من البديع، والبيان، لكن لم يتناولوا جميع مواضعه في القرآن الكريم –على حدِّ علمي- بل في الغالب أشاروا إليها.
3-  أن الغالب في آيات القرآن الكريم المتخللة لهذه الظاهرة هو إظهار اسم الجلالة(الله)، والحكمة في ذلك هي زيادة تعظيم الله-عز وجل-، وإدخال الروعة، وتربية المهابة في نفس السامع والمخاطب إضافة لما فيه من أسرار تتجلى في مواضعها.
4-  بعد دراستي لهذه الظاهرة رأيت أنَّ أكثر المفسرين عنايةً بها هو الإمام الطاهر بن عاشور، والإمام الرازي، والإمام الشوكاني، والإمام أبو السعود.
هذا وبالله التوفيق،،
الفصل الرابع
المبحث الأول ويشمل الدراسة التطبيقيَّة "مواضع الإظهار في مقام الإضمار في سورة الأنفال في تفسير الإمام الطاهر بن عاشور"