تعد رسالة " حي بن يقظان " لابن طفيل من الرسائل الفلسفية الفريدة في نوعها ، ولذا فإن هذه الرسالة تکتسي أهمية خاصة سواء على مستوى دراسة فلسفة ابن طفيل ، أو على مستوى التأريخ للفلسفة الإسلامية في بلاد المغرب والأندلس ، فمن جهة تستقطب هذه الرسالة أهم القضايا الفلسفية التي عالجها فيلسوفنا ابن طفيل ، سواء في العلم الطبيعي وبعده الميتافيزيقي ، أو في العلم الإلهي وبعده الإيماني ، ومن جهة ثانية يمکن القول بأن هذه الرسالة حوت قصة الفلسفة الإسلامية بتياراتها المتعددة ، بل وأضافت إليها فصلاً ثرياً زاخراً يحمل إبداعاً فلسفياً ورؤية منهجية تجمع بين العلم والعمل ، حيث تعرض في شکل أدبي أهم الإشکالات الفلسفية التي أرقت فلاسفة الإسلام في المشرق والمغرب ، سواء کانت ذات طبيعة فيزيقية أو ميتافيزيقية ، يرادفها قدرة على الوصف ، ودقة في الملاحظة ، وجمال في الأسلوب ، فضلاً عن أنها أول عمل فلسفي في الأندلس يعالج القضايا الفلسفية في صورة رمزية وبأسلوب  أدبي رائع .ولذا يمکن القول بأن هذه الرسالة مثلت رؤية فلسفية خاصة ، طمح صاحبها أن يشيد من خلالها نظرية فلسفية متکاملة فيما يتعلق بفکرة الإنسان المتوحد الذي يستطيع أن يصعد في مدارج المعرفة ، عبر النظر والاستدلال أولاً ،ثم الحدس والذوق في مرحلة ثانية حتى بلوغه الکمال المعرفي، مرتفعاً في ذلک من العالم الحسي إلى العالم العقلي، حتى بلوغه الاتصال بالذات الإلهية .