مثّلت الفرعونيات في الشعر العربي الحديث عودًا تراثيًّا مغايرًا في ظلاله السمت المحافظ، وإن توحد معه فکرة وعمقا؛ فبالرغم من کون الفرعونيات موضوعًا مستحدثًا على شعرنا العربي، يشغل– ظاهريًّا - مساحة ذات بال من الواجهة المجددة المقابلة لبناية الأصولية المرتکزة – بدورها- على أعمدة التراث العربي ونماذج السلف وأغراض الشعر القديم؛  فإن الرؤية التراثية – في عمقها الفکري-  ترفده بمنابت أشد عمقًا وتجذرًا.
فإن کان استدعاء التراث عند الإحيائيين ومن بعدهم من أصحاب الکلاسيکية الجديدة بعثًا للمنقبة العربية في زيها الأدبي وبحُليها الشعرية، والفرعونيات – بوجهٍ عام- هي إعادة إنتاج لمنقبة الأجداد في عبقها التاريخي وبآثارها الخالدة، فنحن بإزاء منطلق فکري واحد - وإن اختلفت مضاربه- وقصدية واحدة تتمثل في إحياء المجد القديم، ووصل اللاحق بالسابق ارتکازًا على فکرة أن التاريخ عود على بدء.