يحاول هذا البحث إلقاء الضوء على کيفية تناول الشعر في القرن الثالث الهجري لجانب مهم من جوانب العلاقات الإنسانية ، وهو صفات الصديق وموجبات  الصداقة ، ويرجع اختيار هذا القرن مجالا  للبحث إلى کثرة الرسائل النثرية  التي تناولت  هذا الجانب ، وإلى قدرة الکتاب على تنمية رسائل الإخوة والإخاء التي کتبها کتَّاب القرن الثاني الهجري ، مما رسم لنا صورة من صور الحديث عن صفات الصديق ودستور الصداقة الحقة وما يکون من علاقات إظهار المحبة والتلطف في المحافظة على الصديق .
وقد استطاع الکتاب في القرن الثالث الهجري  التعبير عن هذه الصور في أشعارهم ، مما أثرى الشعر العربي وجعل لهذه الموضوعات النثرية مکانا إلى جوار الموضوعات الشعرية التقليدية کالمدح والرثاء والهجاء والغزل ، وکانوا حريصين في أشعارهم على التعبير عن  الحس الحضاري الذي کان سمة الحضارة العباسية ، کما کانوا حريصين على أن تکون لغتهم التي عبروا بها عن هذه الموضوعات لغة سهلة ، ولکنها في الوقت نفسه لغة موحية معبرة عن انفعال صادق وحس جمالي راق .
وقد استعنا في هذا البحث بعدة مصادر ومراجع أثبتناها في نهايته ، وقمنا بتحقيق نسبة الأشعار المستخدمة من مصادر شتى .