يهدف البحث إلى جلاء صورة التناص القرآني في شعر کل من کعب بن مالک وعبد الله بن رَواحة رضي الله عنهما،  وذلک بالاستفادة من المنجز النقدي الحديث- التناص- الذي وإن کانت له جذور وأصول في التراث النقدي والبلاغي عند العرب والغربيين، إلا أنه اکتسب أفاقاً ورؤى جديدة بفضل تطور دراسات العلوم الإنسانية المختلفة من فلسفية ونفسية، ومن مدارس نقدية شکلية وبنيوية وتفکيکية. ولذا قدمت مدخلاً أوجزت فيه مفهوم التناص ونشأته وتسمياته ومصادره أنماطه وعلاقته بقضايا نقدية في تراثنا العربي البلاغي والنقدي.
لقد وزّعت التناص في شعر الشاعرين على أنماط على الرغم من أنها قد تتداخل في کثير من النصوص، ولعل ما کان يجمعها أن الشاعرين کانا يلتزمان في تناصهما مع القرآن الکريم مبدأ التماثل الإيجابي في الدلالة، ونادراً ما کانا يجنحان إلى المخالفة التصويرية.
وهذه الأنماط قامت في شعر الشاعرين على التناص الاقتباسي اللغوي الحرفي، والتناص الاقتباسي اللغوي المعدل، والاقتباس المضموني باستدعاء بعض التصورات والأفکار، والتناص الأسلوبي الذي يحافظ على الإطار الخارجي والإيقاع باعتماد صيغة بعض التراکيب وتکرار الألفاظ، والتناص القائم على المزج بين التصورات المفردة والتراکيب القرآنية، والتناص القائم على استحضار مضمون بعض الوقائع الفردية والأحداث الکبرى وسير الأنبياء، والتناص الإشاري القائم على التوسّل بکلمة موحية أو تعبير مجتزأ ذي ظلال بارزة، أو صورة ذات عمق وجداني، والتناص القائم على الحوار والذي يستند إلى بعض أنماط التناص السابقة.