يهدف هذا البحث إلى تَقَصِّي أثر اضطراب الوِسْوَاس القَهْرِيّ في أفکار ابن الروميّ وأفعاله ومِنْ ثَمَّ شعره ، ذلک الاضطراب الذي يُعَبِّرُ عن صراع نفسيّ حادّ بين رغبات تُلِحّ کي تُشْبَع ، ولکنها تَلْقَى مقاومة خُلُقِيَّة ضارية ؛ لأنَّ الفـردَ يعيشها بوصفها رغباتٍ غير مقبولة .
وقد ترک ذلک الاضطراب أثره في سلوک الشاعر وشعره ، وجعله مدفوعًا بشعور باطنيّ قاهر لا يملک له دفعًا ، وقُوَّة خَفِيَّة لا يدري ما کُنهها ؛ ليخضع لأفکار تسلطيَّة وأفعال قهريَّة .
فالوِسْوَاس القَهْرِيّ اضْطِرَاب نفسيّ يتضمن شعور أليم لصاحبه ، ويؤثر في علاقته بالآخرين ، کما أنه بداية لکثير من الاضطرابات والمشکلات النفسيَّة .
وقد جاء البحثُ في تمهيدٍ وثلاثة مباحث وخاتمة ، واشتمل التمهيد على تعريف بمصطلح (اضطراب الوِسْوَاس القَهْرِي) ، إلى جانب عرض النظريات المُفَسِّرَة للسُّلُوک القهريّ ، واعتراف ابن الرومي بأنه مُوَسْوِس فِي شِعْرِه .
وتناول المَبْحَثُ الأَوَّل أَسْبَاب إِصَابة ابْن الرُّومِيّ بِاضْطِرَابِ الوِسْوَاس القَهْرِيّ ، ورصد المَبْحَثُ الثَّانِي أَعْرَاضُ اضْطِرَاب الوِسْوَاس القَهْرِيّ عِنْدَ ابْن الرُّومِي ، وعرض المَبْحَثُ الثَّالِثُ الأنماط السلوکيَّة في شعر ابْن الرُّومِي .
وقد انتهيتُ إلى أن هناک علاقة وثيقة بين إبداع ابن الرُّومِيّ الفنيّ ومرضه النفسيّ والجسميّ ؛ فقد سيطر هذا الاضطراب على شخصيته ، وإليه يرجع تناقضه ؛ فقد کَشَفَ البحثُ عن إصابته بالوِسْوَاس القَهْرِيّ ، وأقام الدليل على ذلک .
وقد اتبعتُ المنهج النفسيّ ، الذي يهدف إلى دراسة السلوک الإنسانيّ ، واستعنتُ بالمنهجَ الفنيَّ في جمع النصوص وتذوّقها ، کما استفدتُ من المنهج التاريخيّ ، الذي يَنْظُرُ إلى الشاعر بوصفه نتاجًا لمرحلةٍ تاريخيَّة واجتماعيَّة بعينها .