تتعاقب الدراسات البلاغية في شتى ميادينها وخطوطها التي حدّد منسوبها النقاد ، ويبقى البحث في کلام الشعراء منهلا يردُهُ الباحثون ، تستعرض من خلاله قسمات البلاغة التي خُطّت في مصنفاتها من جهةٍ ، وتتجلى منه الملکة الذوقية والبيانية لدى الباحث من جهةٍ أخرى ، فالميدان الحق من دراستها ـ کما يقُولُ شيخُنا أبو موسى ـ : " هو تحليلُ النصوص والتعرّف على دقائق المبانى ، والوقوفُ عليها ، واستنطاقُها واستخراج ما هجع فى ضباب سراديبها من الحوابس الخُنس ، والخواطرُ الکُنّس ، واعلم أن هذا هو الذى يُحيى البلـاغة وينفحُها نضارتها فتزيدُ هى بحيويّتها ونضارتها نصوصَ الـأدب إشراقاً ووضاءةً " ويقولُ : " الفنونُ البلـاغية تحيا ما دامت تتقلبُ فى أدغال النص ، وتضربُ فى مجاهله بمهارةٍ ورياضةٍ ويقظةٍ إلى خفى أحواله ودقيق خصائصه ، وإن عُزلت البلـاغة عن هذا ذهبت قيمتها ، وصارت علماً عاطلـاً ، ولو حُفظت دقائقُ متونها ، لـأن المقصود من العلم أن يُستعمل ، والتحليلُ هو ميدانُ استعمال البلـاغة " .