شهدت الجغرافيا ولا تزال تطورات کبيرة وتغيرات جوهرية في موضوعاتها وطرق دراستها وتحليلها ، فالجغرافيا المعاصرة تتجه بخطى متسارعة نحو دراسة کل ما من شأنه استشراف اتجاهات المستقبل ، والعزوف تدريجيا عن المعالجات التقريرية التي تقف عند حد وصف الصورة الجغرافية للواقع الراهن ( صلاح الدين بحيرى ، 1998م ، ص 126 )، وهذا من شأنه أن يساعد في وضع الأسس العلمية لتطبيقات جغرافية جديدة بإمکانها وضع تصورات مستقبلية للظاهرات التي تدرسها الجغرافية. لذا اتجهت الدراسات المعاصرة في الجغرافيا نحو مزيد من التخصص والتطبيق کجغرافية الانتخابات.   تعد جغرافية الانتخابات إحدى الوسائل التي يمکن عن طريقها توضيح الاختلافات المکانية وتفسير المسببات والنتــائج للعمليات السياسيــة التي تهتم بها الجغرافيـــة السياسيـــة، أي التفاعـــلات المکانيــة بين الظواهر الجغرافيــة والسياسيــة ومحاولة تفسيرها، وبهذا يمکن تعريف جغرافيــة الانتخابات على أنها محاولة لتفسير الاختلافــات في الأنماط الانتخابية السائدة في مکان معين ودراسة وتحليل تغيرات السلـــوک التصويتي من مکان لآخــر وأسبــاب هذا التغيـــر  ويري البعض أن جغرافية الانتخابات ستکون فرعاً جغرافياً مستقلاً بذاته, وذلک لأنها تعد من أنشط موضوعات الجغرافيا السياسية منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين( فتحي مصيلحي ، 2005م ، ص 255 ), وليس أدل علي ذلک من ظهور کتابات أصولية متخصصة في الموضوع, منها کتاب "بوستيد" عام 1975م عن الجغرافيا وسلوک التصويت الانتخابي, وکتاب "تيلور" و "جونستون" عام 1979م عن جغرافية الانتخابات.