حرف الباء واحد من حروف الجرِّ التي تختلف معانيها وتتعدَّد دلالتها، فقد ذکر العلماء لها أکثر من خمسة عشر معنى أحدها التبعيض الذي کان محلَّ خلافٍ واسع بينهم خصوصا أن شيئا من مادة ذلک الخلاف ارتبطت بعدد من أي القرآن الکريم، ومن هنا کان هذا البحث بعنوان(دلالة الباء على التبعيض في القرآن الکريم)، والذي سيتم من خلاله رصد هذه الدلالة وتتبعها في کتب النحو، وکتب التفسير ومعاني القرآن الکريم وإعرابه، وکتب الفقه وأصوله.  کما يحاول البحث بيان علاقة ذلک الخلاف بين المفسرين والفقهاء والأصوليين في بيان الحکم الفقهي، ويبيِّن شيئا من أثره في توجيه الدلالة، إضافة إلى أنَّه يُبرز جانبا من اهتمامهم بما أورده أهل اللغة والنحو ممَّا يتضح معه بجلاء الإمکانية الکبيرة للغة العربية في توسع المعاني وتعدد الدلالات. ويجدر التنبيه أنني أغفلت الکلام عن معاني الباء لأنَّ الدراسات في ذلک مستفيضة، لذا فقد اکتفيت بما له علاقة مباشرة بالبحث فقصرت البحث على مقدمة نظرية بيَّنت فيها المعنى الأصلي للباء، والقول في التبعيض فيها، ثَمَّ بعد ذلک انتقلت إلى مادة البحث الأساس  فحصرت الآيات القرآنية التي تحتمل دلالة الباء فيها التبعيض، وبيَّنت أقوال العلماء في کلِّ آية منها، ومن ثَمَّ رجَّحت ما توصلت إليه في کلِّ آية منها. کما أنني هنا لسْتُ معنيًّا بالترجيح الفقهيّ وإنّما يتوجّه الدرس إلى بيان الأثر الدِّلالي للباء، ودور السياق فيه.