إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مُضلَّ له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريک له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد؛
فإن القرآن الکريم قد نال من العناية ما لم ينله أي کتاب سماوي آخر؛ حيث تکفل الله عز وجل بحفظه دون سائر الکتب فالعناية به من أشرف الأعمال, وأجلِّها, وأفضلها؛ لأنها امتثال لأمر الله تعالى وتأسياً وإقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم, فعن عثمان رضي الله عنه, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خَيرُکُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ)) (رواه البخاري, رقم: 4739).
واستمر سلف الأمة في تعلم وتعليم القرآن الکريم, وتبعهم خلفها إلى عصرنا الحاضر؛ لأنهم أدرکوا منزلة القرآن وأهميته في حياة الناس, يقول ابن خلدون في مقدمته: "اعلم أن تعليم الولدان للقرآن شعار الدين أخذ به أهل الملة, ودرجوا عليه في جميع أمصارهم؛ لما يسبق فيه إلى القلوب من رسوخ الإيمان, وعقائده من آيات القرآن" (ابن خلدون, 1427: 493).
وتلاوة القرآن الکريم أصل إسلامي راسخ وهدف تعليمي لا يسع المسلم جهله أو إهماله,, وتقع مسؤولية تعليمه بالدرجة الأولى على معلم القرآن الکريم, وهذا يتطلب منه الحرص على إتقان کفاءات التلاوة النظرية والتطبيقية, وتعرف أساليب تدريسها وتقويمها, والاستفادة من النظريات والتقنيات التعليمية الحديثة لتسهيل مهمة تعليمها وتعلمها (الجلاد, 2007: 18-19).
ولقد حظي إعداد المعلم وتأهيله بعناية المهتمين بالعملية التربوية والتعليمية, وانتقل من الطرق السائدة إلى اتجاهات حديثة متطورة تتناسب مع متطلبات العصر؛ وتتضح أهمية ذلک فيما ذکره خطاب من "أن المعلمين المعدين والمؤهلين تربوياً يتمکنون من تحقيق أثر أکبر على المکتسبات في التعلم الطلابي بالمقارنة مع المعلمين غير المؤهلين" (خطاب, 2007: 22)؛ فالمعلم المؤهل والمعد إعداداً جيداً يحقق نتائج جيدة ومرغوبة في عملية التدريس, في حين أن المعلم الذي يفتقد لهذا التأهيل والإعداد يخفق في تحقيق النتائج المرغوبة, وقد يتسبب في وجود نتائج سلبية تؤثر في المخرجات التربوية للمجتمع .