تشير الدلائل، في السنوات الأخيرة أن التعليم العالي الجامعي في العديد من دول العالم يمر بفترة تحول فرضتها عليه التغيرات المعاصرة، وشهد هذا التعليم في العديد من دول العالم نموا کمياً ملحوظاً وإقبالا منقطع النظير من الطلبة في العديد من التخصصات الأکاديمية، وقد رافق هذا النمو الکمي تخريج أعدادا کبيرة من الطلبة بمؤهلات وتخصصات مختلفة، وتم رفدهم إلى سوق عمل متجدد ومتغير، ويشهد العصر الحالي عملية تداخل بين القطاعات المختلفة في مجال تبادل الخبرة والاستفادة من التطورات الحديثة، مما يؤکد بقوة أکثر من أي وقت مضى الحاجة إلى مواکبة تغيرات العصر، وخاصة إن سوق التعليم أصبح عالميا ويفتح الباب واسعاً أمام التنافس في شتى المجالات. وفي هذا الصدد أشار الحاج ومجيد وجريسات (2008م) إلى التحديات العلمية والتکنولوجية والاقتصادية والاجتماعية أدّت إلى بزوغ بيئة تنافسية عالمية، تتطلب من مخرجات نظم التعليم الجامعي العالي الارتقاء بالمعايير العالمية، الأمر الذي لم يعد خياراً أو طموحاً بل أصبح ضرورة لابد من تحقيقها ص9.
وبناءً على ما سبق فإن برامج الدراسات العليا تُعتبر واجهة مهمة من واجهات الجامعات باعتبارها قمة التعليم الجامعي وهي أحد أهم العناصر الرئيسية الفاعلة في تنمية وتطوير المجتمع، في شتى المجالات العلمية والاجتماعية والاقتصادية .
ويعتبر ماجستير الإدارة التربوية من أبرز برامج الدراسات العليا الذي يحظى باهتمام المسؤولين بالتعليم العالي، کونه مصنعاً للقيادات التربوية من الکوادر البشرية المؤهلة بالعلوم التربوية والإدارية والنفسية يتم إعدادهم لقيادة المؤسسات التربوية، وفي هذا الصدد فقد فسّر المطوع وآخرون (1410ه) سبب اهتمام المتخصصين والمسؤولين عن التعليم ببرنامج ماجستير الإدارة التربوية لإدراکهم لأهمية عناصر القيادة, و رجال الإدارة التربوية للعملية التعليمية, ومستلزمات نجاحها, خصوصاً أنهم يقومون بدور فعّال, يعتمد إلى حد کبير على نجاح التعليم في البلاد, ولذا بدأ الاهتمام الإداري بمحتويات ومکونات البرنامج کيفاً وإعداداً، في إطار تربوي وإداري شامل, يکفل حسن إعدادهم, وصقل مهاراتهم, وتمکينهم من عملهم الذي ينخرطون فيه في مجال الإدارة المدرسية ص23.
وبالرغم من وجود العديد من الدراسات الميدانية بمجال الإدارة المدرسية، التي هدفت إلى التعرف على درجة ممارسة مهارات القيادة لدى مديري المدارس، إلا أن هناک ندرة في مجال الدراسات التي تناولت أثر أو فعالية اسهام برامج ماجستير الإدارة التربوية والتخطيط على الأداء، فبعد التحاق طالب الدراسات العليا ببرنامج ماجستير الإدارة يکتسب المعارف والمفاهيم الإدارية الإسلامية من خلال النظرية والتطبيق, والقيادية والاسهام في البحوث والدراسات العلمية التي تعالج ما يواجه الإدارة المدرسية والإدارة التعليمية من مشکلات.
بينما يبقى السؤال قائماً حول مستوى فعالية هذه البرامج في تحقيق أهدافها. فأصبح من الضروري دراسة وتقييم هذا البرامج، وتقييم کفاءة مخرجاته للوقوف على مستوى فاعلية تحقيقها للأهداف العلمية والبحثية والتنموية المرجوة منها في ظل التطورات العلمية والتقنية الحديثة التي فرضتها ظروف العولمة الاقتصادية.
وأشار شحاتة (2001م) بأن "الجامعة مؤسسة تربوية، وجهاز أکاديمي وإداري ومالي وخدمي ونظام تربوي يرتکز على فلسفة محددة، ويبدأ بأهداف ومدخلات ويخضع للتنفيذ من خلال نتائج عملياته التربوية، وينتهي بمخرجات التي لابد من تقويمها وبصورة متتالية ومنتظمة ومستمرة" ص12.