107280

حوکمة مؤسسات التعليم قبل الجامعي کمدخل لتعزيز أخلاقيات مهنة التعليم في جمهورية مصر العربية

Article

Last updated: 04 Jan 2025

Subjects

-

Tags

أصول التربية

Abstract

يعد التعليم أحد الرکائز الأساسية التي تقف وراء تقدم المجتمعات والنهوض بها، واحتلالها مکانة لائقة ضمن الدول المتقدمة، فهو الأداة الرئيسة لبناء القدرات وإعداد الموارد البشرية وإکسابها المعارف والمهارات التي تمکنها من المنافسة محليا وعالميا والتعامل مع المجتمع المعرفي، وبخاصة في ظل التغيرات المحلية والإقليمية والعالمية، وما يصاحبها من تداعيات تتطلب ضرورة مراجعة النظم التعليمية وطرق إدارتها لمعرفة کفاءتها الإنتاجية، ومدى قدرتها على تقديم مخرجات تعليمية متميزة  قادرة على تحقيق التنمية الشاملة والمنافسة على المستوى العالمي. 
          ونتيجة لذلک فقد تزايد الاهتمام العالمي خلال السنوات الأخيرة من القرن العشرين، بتطبيق العديد من الطرق والأساليب لتجويد أداء المؤسسات التعليمية وتطويرها، ولعل من أحدثها ما أطلق عليه مؤخراً أسلوب الحوکمة المؤسسية کاتجاه عالمي معاصر، يهدف إلى تحسين الفعالية المدرسية وتطوير مردودها التربوي، وتحقيق الشفافية والعدالة، وتفعيل مبدأ المساءلة والمحاسبية، وحماية المستفيدين وأصحاب المصالح، والحد من استغلال السلطة والنفوذ، والالتزام بالقوانين واللوائح ومعايير السلوک الوظيفي والأخلاقي التي تحکم أداء العاملين بالمؤسسات التعليمية.
          وبالرغم من أن ظهور أسلوب الحوکمة واستخدامه في البداية، کان في قطاع الأعمال لمواجهة ظواهر الفساد المالي والإداري، والاستبداد التي أدت إلي انهيار عدد کبير من المؤسسات الاقتصادية بسبب عدم وجود آلية منضبطة لمحاسبة رؤساء هذه المؤسسات، وغياب الشفافية والرقابة، وعدم الالتزام بأخلاقيات العمل، إلا إنه سرعان ما امتد تطبيقه في العديد من المجالات ومنها التربية، وأصبحت الحوکمة معياراً لتحديد جودة المؤسسات التعليمية، ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها الإستراتيجية وتحقيق توقعات المستفيدين والمجتمع ، والتزام العاملين بها بالنظم والقوانين والأخلاقيات المهنية .
          ومن هنا فقد اهتمت العديد من الدول المتقدمة والنامية کالولايات المتحدة الأمريکية وانجلترا واستراليا وکندا ونيوزيلندا واليابان وکوريا الجنوبية والمکسيک وشيلي وغيرها، بتطبيق الحوکمة الرشيدة في مدارسها لتجويد وتطوير أدائها، وخاصة أن وضع الألفية الثالثة يستدعي وجود حوکمة رشيدة قائمة على المرونة واتباع مرکزية أقل في صنع واتخاذ القرارات، والاهتمام بالمستفيدين وإشباع احتياجاتهم، ووضع مواثيق أخلاقية ومهنية للعاملين بها، وإفساح المجال للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في إحداث الشراکة المجتمعية في التعليم وإعطائهم دوراً رقابياً على أداء المؤسسات التعليمية ومساءلتها ومحاسبتها (Fazekas & Burns , 2012) .
وقد أشارت العديد من الدراسات والبحوث إلى أهمية تطبيق الحوکمة بالمؤسسات التعليمية لتجويدها والارتقاء بها، ، وفي هذا الصدد فقد أکدت دراسات کل من ( عوض، 2011م )، (إبراهيم، 2014م)، (عطوة وعلى، 2012م) على أن تطبيق الحوکمة يسهم في تطوير أداء المؤسسات التعليمية وتجويدها، وتحقيق الشفافية والمحاسبية، والحد من الفساد المالي والإداري وتلبية حاجات المستفيدين، کما أکدت دراسة فازيکاس وبيرنز(Fazekas & Burns, 2012)  على أن تطبيق الحوکمة الرشيدة بالمؤسسات التعليمية يسهم في زيادة قدرتها على إنتاج المعرفة بمختلف أنواعها ونشرها والاستفادة منها .
وتوجد علاقة قوية بين الحوکمة المؤسسية والالتزام بالأخلاقيات المهنية في بيئة العمل ، فالحوکمة تعمل على تعميق الحس الأخلاقي لمختلف العاملين بالمؤسسة، وتشجع على الالتزام بالمبادئ الأخلاقية کالمساءلة والشفافية والنزاهة والمسؤولية، وتضع القواعد والمبادئ،  وتحدد القيم والأخلاقيات التي تحکم الممارسات والسلوکيات التي تقوم بها الإدارة العليا والتنفيذية، کما تضع الضوابط لمنع حدوث الفساد المالي والإداري، ومن ثمَّ فإن التزام المؤسسات التعليمية بأخلاقيات العمل يزداد کلما تطابقت أهدافها ورؤيتها مع ممارسات الحوکمة، وکلما توفر فيها موارد بشرية تتصف بالنزاهة وتحمل المسؤولية .
وقد أشارت العديد من الدراسات إلى أن وضع أسس قوية للحوکمة بالمؤسسة، يعد من أهم الطرق لتعزيز الأخلاقيات المهنية، وفي هذا الصدد فقد أشارت دراسة ريان وآخرين  ( Rayan et al , 2010) إلى أن تطبيق الحوکمة في المؤسسات يسهم في تعزيز أخلاقيات العمل ويفعل نظم الرقابة والمساءلة والمحاسبية، کما أکدت دراسة اوباي(obay ,2009 ) على أن حوکمة المؤسسات والشرکات يؤدى زيادة الممارسات الأخلاقية في بيئة العمل، ويقضي على الرشوة والفساد والسلوکيات السيئة للموظفين ، کما أکدت دراسة باناسي وآخرين (Banaci et al  , 2013)  على أن تطبيق الحوکمة أدى إلى زيادة الالتزام بأخلاقيات المهنة، والشفافية والإفصاح عن المعلومات التي تهم المستفيدين والمساهمين، وتفعيل نظم الرقابة الداخلية والخارجية، والاستعداد لمواجهة المخاطر ، کما أشارت دراسة (الدويک، 2013م ) إلى أن حوکمة المؤسسات التعليمية، تعد من أهم الأساليب المستخدمة لضمان الشفافية والنزاهة ومکافحة الفساد وتعزيز الأخلاقيات المهنية بالمؤسسات التعليمية.  
ومن هنا فإن الحوکمة تهتم بوضع معايير وآليات حاکمة لأداء کافة الأطراف في المؤسسات التعليمية من خلال وضع مدونات للسلوک المهني والخلقي، وتطبيق الشفافية وسياسة الإفصاح عن المعلومات، وقياس الأداء ومحاسبة المسئولين والعاملين ، ومحاربة الفساد المالي والإداري ، ومشارکة أصحاب المصلحة في عملية اتخاذ القرارات وتقييم نتائجها.
 وعلى المستوى الرسمي، فقد قامت وزارة التربية والتعليم بإجراء مجموعة من التغييرات والتحديثات في السنوات الأخيرة لتجويد أداء المؤسسات التعليمية وتطويرها، وذلک من خلال إعداد وثيقة المعايير القومية للتعليم عام 2003م، وإنشاء الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد عام 2006م، وبالرغم من هذه الجهود إلا إن تطبيق الحوکمة بالمؤسسات التعليمية لم يتم بالشکل المطلوب، ويغلب عليه طابع الشکلية، کما لم تهتم وزارة التربية والتعليم بوضع ميثاق لأخلاقيات مهنة التعليم ووضع إجراءات لتفعيله على أرض الواقع في المدارس، من ثم فقد أغفلت الإستراتيجية القومية لإصلاح التعليم قبل الجامعي خلال الفترة(2007-2011)( اسکارروس وقمر ، 2008م ، 27) ، وکذلک الإستراتيجية القومية لإصلاح التعليم قبل الجامعي خلال الفترة (2014-2030) (وزارة التربية والتعليم، 2014) وضع ميثاق لأخلاقيات مهنة التعليم، رغم أهميته في الارتقاء بالمهنة وبأداء العاملين بميدان التربية والتعليم ، ومن هنا فإن الاهتمام الحقيقي بالجودة التعليمية يتطلب ضرورة توفر معايير سلوکية وأخلاقية يلتزم بها جميع العاملين والمعلمين بالمؤسسات التعليمية، فالجودة التعليمية لا تکون حقيقة إذ لم تصبغ بالأخلاقيات المهنية .
وبناء على ما سبق فإن تجويد أداء مؤسسات التعليم قبل الجامعي والارتقاء بها، يتطلب ضرورة حوکمة هذه المؤسسات، ووضع قواعد ومبادئ متفق عليها متمثلة في ميثاق أخلاقيات مهنة التعليم، والذي يعد من أهم مرتکزات النظام التربوي في توجيه السلوک المهني والخلقي للعاملين في التربية والتعليم وضبطه، ومن هنا جاء البحث الحالي بغية تسليط الضوء على حوکمة مؤسسات التعليم قبل الجامعي، ودورها في الارتقاء بأخلاقيات مهنة التعليم.

DOI

10.21608/mfes.2015.107280

Keywords

حوکمة مؤسسات التعليم, أخلاقيات مهنة التعليم

Authors

First Name

ماهر

Last Name

احمد حسن محمد

MiddleName

-

Affiliation

أستاذ أصول التربية المساعد کلية التربية – جامعة أسيوط

Email

-

City

-

Orcid

-

Volume

31

Article Issue

4.2

Related Issue

16238

Issue Date

2015-07-01

Receive Date

2015-08-12

Publish Date

2015-07-01

Page Start

262

Page End

330

Print ISSN

1110-2292

Online ISSN

2536-961X

Link

https://mfes.journals.ekb.eg/article_107280.html

Detail API

https://mfes.journals.ekb.eg/service?article_code=107280

Order

6

Type

المقالة الأصلية

Type Code

1,355

Publication Type

Journal

Publication Title

مجلة کلية التربية (أسيوط)

Publication Link

https://mfes.journals.ekb.eg/

MainTitle

حوکمة مؤسسات التعليم قبل الجامعي کمدخل لتعزيز أخلاقيات مهنة التعليم في جمهورية مصر العربية

Details

Type

Article

Created At

23 Jan 2023