يتميز التعليم الجامعي بأنه قمة السلم التعليمي ويلعب دورًا کبيرًا في إعداد کم هائل من الخريجين وتسليحهم بالمعارف الحديثة والمهارات اللازمة لمساهمتهم في بناء المجتمع وتطويره ، کما يلعب التعليم الجامعي دوراً کبيراً في تحديث المعرفة بإجراء عديد من البحوث والدراسات العلمية التي تسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمجتمع وفي حل مشکلاته.
ويعتبر عضو هيئة التدريس العمود الفقري للتعليم الجامعي لأنه يقوم بعدة مهام وأدوار داخل الجامعة منها التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع ، بالإضافة إلى الأدوار الإدارية والقيادية بالجامعة، وتتوقف جودة مخرجات التعليم الجامعي بدرجة کبيرة على جودة أداء عضو هيئة التدريس ومدى کفاءته في القيام بالأدوار الأکاديمية الموکلة إليه، فکلما ارتفع مستوى الأداء الأکاديمي لعضو هيئة التدريس کلما ارتفعت جودة الخريجين من طلابه وارتفع مستوى البحث العلمي بالجامعات وازدادت مساهمته في خدمة المجتمع.
ولقد تميز العصر الحالي بعدة تغيرات متلاحقة وانفجار معرفي وأصبح من الضروري على عضو هيئة التدريس أن يواکب مجتمع المعرفة ويساهم في بنائه ، و أن يتم تطوير أدائه الأکاديمي حتى يواکب متطلبات مجتمع المعرفة ، ويسهم بشکل فعال في بناء مجتمع المعرفة.
ولقد تم الاهتمام في العصر الحالي بضرورة مواکبة مجتمع المعرفة حتى لا تکون هناک فجوة کبيرة بين الدول العربية والدول المتقدمة ، وحتى يتم ذلک فلابد من الارتقاء بمستوى التعليم في مصر وغيرها من الدول العربية وخاصة التعليم الجامعي لأن التعليم الجامعي هو العامل الرئيسي في إنتاج المعرفة وتطبيقها والإفادة منها في التنمية الاجتماعية والاقتصادية وتوضح المنظمة الدولية للتنمية والتعاون في المجال الاقتصادي (OECD, 2008, 2) أن مؤسسات التعليم العالي يمکنها بناء مجتمع المعرفة من خلال القيام بأربع مهام رئيسة هي تشکيل رأس المال البشري من خلال التعليم والتدريب وبناء قواعد المعرفة من خلال البحث والتطوير ، ونشر واستخدام المعرفة من خلال التفاعل مع المستخدمين للمعرفة ، وصون المعرفة من خلال المحافظة عليها ونقلها بين الأجيال بالتالي لابد من العمل على الارتقاء بمستوي وکفاءة وجودة أداء أعضاء هيئة التدريس بالجامعات وذلک لأن عضو هيئة التدريس باعتباره على رأس مدخلات التعليم وأهمها وهو العنصر الذي يقوم بأغلب تلک المهام ، ولا بد من تطوير أدائه الاکاديمي حتى يواکب متطلبات مجتمع المعرفة ويقوم بمهامه على أکمل وجه.
ولقد أجريت عدة دراسات عن التعليم الجامعي ودوره في مجتمع المعرفة منها دراسة عبد اللطيف حيدر (2004 م) وهدفت للتعرف على الأدوار الجديدة التي يفرضها مجتمع المعرفة على مؤسسات التعليم في الوطن العربي سواء التعليم العام أو التعليم الجامعي ، و دراسة أشرف محمد (2008م) وتم بها دراسة دور التعليم العالي في مواجهة تحديات تأسيس مجتمع المعرفة في مصر، ودراسة أحمد عبد العزيز ( 2010 م) وحددت هذه الدراسة الأدوار الجديدة للجامعات المصرية لتحقيق متطلبات مجتمع المعرفة ووضع رؤية مقترحة لتفعيل دورها في ذلک .
وسعت دراسة علي الشايع ( 2010 م) لدراسة وتعريف وتشخيص ملامح مجتمع المعرفة في المملکة العربية السعودية ودور البحث العلمي بها لبناء اقتصاد المعرفة ، وأکملت دراسة محمد الذيباني ( 2012 م) وتعرفت على دور الجامعات السعودية في بناء مجتمع المعرفة والأدوار المستقبلية التي يمکن أن تقوم بها وذلک من وجهة نظر أعضاء هيئة التدريس بالجامعات الحکومية .
دراسة هبة إبراهيم (2012م) وقامت هذه الدراسة بوضع تصور لتطوير إعداد أخصائي الإعلام التربوي بکليات التربية النوعية وتحسين برامج إعداده لتتلاءم مع متطلبات مجتمع المعرفة، واهتمت دراسة محمد حرب (2013م) بضرورة تطبيق إدارة المعرفة بالجامعات لتحقيق التميز في البحث التربوي وقامت هذه الدراسة بوضع تصور مقترح لتطبيق إدارة المعرفة في مجال البحث التربوي بالجامعات حتى تسهم الجامعات في بناء مجتمع المعرفة ، وقامت دراسة ماهر الضبع (2013م) بدراسة واستشراف أهم التحديات التي تواجه مجتمع المعرفة في مصر حتى عام 2020م وهي دراسة استشرافية باستخدام أسلوب دلفاي ورکزت بصفة خاصة على التحديات المرتبطة بالتعليم والبحث العلمي في مصر.
وقدمت دراسة عماد عطية (2013م) رؤية مستقبلية لتطوير إعداد المعلم في مصر في ضوء متطلبات مجتمع المعرفة،وجاءت دراسة کريمة موسي (2014م) وتناولت بالبحث دور الجامعة في تنمية بعض المهارات الحياتية لدى طلابها في ضوء متطلبات مجتمع المعرفة ووضعت تصورًا مقترحاً لتفعيل دور الجامعة في تنمية تلک المهارات الحياتية لتفعيل دور الجامعة في تنمية تلک المهارات الحياتية لمواکبة متطلبات مجتمع المعرفة، وهدفت دراسة کريمة شاکر (2014م) إلى التعرف على الدور التنموي للجامعة في ضوء متطلبات مجتمع المعرفة والتوصل إلى تصور مقترح للارتقاء بالدور التنموي للجامعة لمواکبة الانفجار المعرفي والتکنولوجي في العصر الحالي ، وقامت دراسة على نصار (2014م) بالکشف عن أهم المقومات المختلفة الواجب توافرها في البحث التربوي لتلبية متطلبات مجتمع المعرفة ، وجاءت دراسة عطية أبو الشيخ (2014م) وقامت بوضع تصور مقترح لدور الجامعة في بناء مجتمع المعرفة العربي في ظل تحديات العولمة.
ومن الدراسات الاجنبية التي تناولت التعليم الجامعي ومجتمع المعرفة دراسة لرأي الطلاب عن دور التعليم الجامعي في مجتمع المعرفة توصلت إلى إتفاق الطلاب على ضرورة أن يوفر التعليم الجامعي المعرفة للجميع ، ويراعي احتياجات المجتمع سواء من التدريب وحماية القيم الأساسية فيه، وتوفير بيئة تعليمية جيدة ، وبيئة بحثية محفزة. (Vukasovic, M. , 2003) ) ، و دراسة (Yves,P.,2007) قدمت رؤية مستقبلية للتعليم العالي والبحث والابتکار في مجتمع المعرفة من خلال الاستفادة من تکنولوجيا المعلومات والاتصالات .
ودراسة (Valimaa, J. & Hoffman, D., 2008) ودرست الأدوار التي يمکن أن تقوم بها مؤسسات التعليم الجامعي في مجتمع المعرفة على المستوى الوطني والعالمي .
ودراسة (Metcalfe, A. S. & Fenwick., 2009) وقد حددت أدوار التعليم الجامعي الکندي في مجتمع المعرفة في ثلاث نقاط هي الاهتمام بالبحوث العلمية والاهتمام بالشراکة بين الجامعة والمقاطعات المختلفة لتوفير 60% من تمويل البحوث وکذلک تفعيل دور الأفراد الأکاديميين والمؤسسات مثل الکليات والجامعات والمستشفيات في مجال البحث العلمي.
، وهذه الدراسات السابقة تناولت جوانب وأدوار مختلفة يجب أن يقوم بها التعليم الجامعي لمواکبة مجتمع المعرفة ومتطلباته.
ونظرًا لأهمية دور عضو هيئة التدريس في التعليم الجامعي وضرورة أن يکون أداؤه الأکاديمي على مستوي عال حتى يرتفع بمستوى التعليم الجامعي فقد تم إجراء عدة دراسات عن الأداء الأکاديمي لعضو هيئة التدريس ومنها دراسة جمال الدهشان وجمال السيسي (2004م) ، وقامت هذه الدراسة بتقويم بعض جوانب الأداء الأکاديمي لأعضاء هيئة التدريس بجامعة المنوفية من خلال آرائهم وقد اقتصرت هذه الدراسة على تقويم الأداء التدريسي لأعضاء هيئة التدريس بجامعة المنوفية، وجاءت دراسة أماني قليوبي (2011م) ودرست مدى قيام عضوات هيئة التدريس في جامعة أم القرى بمهامهن التربوية في ضوء معايير الجودة الشاملة وذلک من خلال دراسة ميدانية ومن وجهة نظر العضوات والطالبات، وقامت دراسة أمل صيام (2012م) بدراسة واقع دور أعضاء هيئة التدريس في بناء مجتمع المعرفة وذلک بدراسة حالة على کلية التربية بالعريش وقامت بوضع مجموعة توصيات لتفعيل دور أعضاء هيئة التدريس في بناء مجتمع المعرفة.
وأضافت دراسة (Zarkovic, N. et al., 2014) أنه لإنشاء مشروع مجتمع المعرفة فإنه يقوم بشکل أساسي على جهود الخبراء العلميين في مجال البحوث والتعليم جنبًا إلى جنب مع تعاونهم مع مديري المشاريع والبرامج العلمية ولابد أن يستند عملهم على المباديء الديمقراطية المفتوحة حتى يتحقق رؤية مجتمع المعرفة.
ونظرا لوجود عدة متطلبات لمجتمع المعرفة فإن ذلک يتطلب ضرورة أن يکون الأداء الأکاديمي لعضو هيئة التدريس متطورًا ومواکبًا لتلک المتطلبات ، وينبغي تطوير الأداء الأکاديمي لعضو هيئة التدريس وبشکل مستمر، والدراسة الحالية تحاول البحث في مدى قيام برامج تدريب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة بتطوير الأداء الأکاديمي لأعضائها وفق متطلبات مجتمع المعرفة وکيفية تفعيلها.