تعد فئة المعاقين حرکياً فئة هامة من الفئات التي تحتاج إلى کل الرعاية والاهتمام من قبل المجتمع بکل مؤسساته وهيئاته وأفراده ، بدءاً من الأسرة والأقارب والأصدقاء والمدرسة والإعلام والثقافة والصحة وغيرها من المؤسسات الإجتماعية الأخرى ، حيث تلعب تلک المؤسسات دورًا کبيرًا في تغيير حياة هؤلاء المعاقين حرکياً إلى حياة أفضل في ضوء ما يقدم لهم من دعم ، سواء کان نفسياً أو إجتماعياً أو أسرياً أو تربوياً ...الخ .
وللإعاقة الحرکية انعکاسات على جوانب شخصية المعاق أبرزها الإجتماعية ، حيث اشارت دراسة أحمد صالح ( 1997 ، 19 ) (*) إن الإنسحاب الإجتماعى من المتغيرات التى يمکن أن تؤثر سلباً على سلوک الفرد المعاق حرکياً. لأن الأثر النفسى للإعاقة الحرکية يؤدى إلى شعور المعاق حرکياً بالنقص عندما يقارن حالته بغيره من الأسوياء خاصة عندما يشعر بصعوبة التکيف مع المواقف الجديدة ومسايرتها ، فيميل إلى السلوک الإنسحابى لفقدان ثقته بنفسه وقدرته على الميل إلى المشارکة والتفاعل الإجتماعى ، ثم لإحساسه بتغير النظرة الإجتماعية العامة له من نظرة تقدير واحترام إلى نظرة شفقة وعطف ، وبهذا نرى أن الإعاقة الحرکية تفرض على المعاق نوعاً من السلوک المضطرب المتسم بالعزلة والإنطواء والشعور بالخجل.
فالإعاقة الحرکية أو التشوهات الخلقية فى رأى السيد فرحات ( 1994 ، 27 ) قد تعوق الفرد عن ممارسة بعض أنواع النشاط ، مما قد يؤثر على نجاحه الإجتماعى ، والأهم من ذلک إستجابة الآخرين للتکوينات الجسمية سواء کانت عادية أو غير عادية ، فالفرد عادةً يهتم بذاته الجسمية من وجهه نظر الآخرين والتى يمتصها الفرد ويعتبرها تعريفاً لذاته ، وبمقدار ما يتقبل المجتمع الإعاقة التى لدى الفرد بمقدار ما يتقبلها هو الآخر .
وتُعد صورة الجسم انعکاساً نفسياً کونها أهم العوامل النفسية التى تؤثر على شخصية الأفراد العاديين بصفة عامة وذوى الاحتياجات الخاصة بصفة خاصة ، وتعد أيضا ذات أهمية کبرى بالنسبة للمعاقين حرکياً . وتعتبر صورة الجسم مرکزاً مهماً فى نظريات الشخصية ، حيث تُعد من العوامل المؤثرة فى سلوک الأفراد وتفاعلهم مع الأخرين ، لأنها بمثابة نواة للشخصية التى تنظم من حولها کل مشاعر الأفراد وأفکارهم وتقييمهم ، ويتفق ذلک مع ما رآه أحمد عبد الخالق (2011 ، 137) أن صورة الجسم تعد من المظاهر النفسية الهامة لدى الفرد والتى قد تکون لها من التأثير السلبى على الفرد أن يعيش حالة من عدم التوافق أو عدم السواء ، فى حين أوضحت نتائج دراسة Hollander & Aronowitz (1999, 27) أن ذوى تشوه صورة الجسم يعانون من قصور فى الوظائف الإجتماعية ويتجنبون المواقف الإجتماعية .
ويوجد هناک دراسات تناولت صورة الجسم لدى ذوى الإعاقة الحرکية ، حيث أن دراسة Buchanan (1992 , 1601) تضمنت أن السمات النفسية للمعاقين حرکياً هى المعاناة النفسية من الإکتئاب والحزن وعدم الرضا عن الذات وتشوه صورة الجسم أو النظر بسلبية تجاه الذات الجسمية ، وعدم الإستقرار الإنفعالى والقلق ومشاعر الذنب والإعتمادية والخوف والقلق من المجهول والخجل والإنطواء والإنسحاب وبالتالى العزلة ، وتشير دراسة (Taleporos & McCabe (2002, 971 أن الإعاقة الجسمية تؤثر سلبياً على الخبرات النفسية للمعاقين جسدياً وعلى مشاعرهم واتجاهاتهم نحو أجسامهم ، وأن تأثير الإعاقة الجسدية على صورة الجسم يتحدد فى إطار التغذية الراجعة من البيئة الإجتماعية ، ويتزايد توافق المعاقين جسدياً مع أجسامهم مع مرور الزمن ، ويشير Cash, et al (1986, 30 ) إلى العلاقة بين صورة الجسم والتوافق النفسى والإجتماعى لدى عينة من المعاقين جسدياً ، وأوضحت أن الافراد ذوى التقديرات السلبية لصورة الجسم أقل قدرة على التوافق النفسى والإجتماعى .
وعلى الرغم مما أشارت إليه نتائج عدد من الدراسات ذات الصلة من وجود علاقة ارتباطيه دالة إحصائياً بين صورة الجسم وب عض المهارات الإجتماعية ، وندرة الدراسات التى تناولت العلاقة بين اضطراب صورة الجسم والکفاءة الإجتماعية وخاصة لدى المعاقين حرکياً في حدود ما تم اطلاع الباحثين عليه ، هذا ما حدا بالباحثين لتناول اضطراب صورة الجسم وعلاقته بالکفاءة الإجتماعية لدى المعاقين حرکياً فى ضوء بعض المتغيرات الديموجرافية تعزى للنوع ( ذکر / أنثى ) ، ومحل الإقامة ( ريف / حضر ) .
(*) يتم التوثيق في هذه الرسالة کالتالي : ( اسم الباحث أو الکاتب ، السنة ، رقم الصفحة أو الصفحات ) وتفاصيل کل مرجع مثبتة في قائمة المراجع .