تُعد مرحلة الطفولة المبکرة من أهم المراحل في حياة الإنسان؛ إذ تتحدد فيها ملامح الشخصية التي سيحملها الإنسان مدى الحياة، ويعد الاهتمام بهذه المرحلة مؤشراً على مدى تقدم المجتمعات ورقيها. ويرى کلاً من أبو العليا والوهر (2001) أن مرحلة الروضة هي مرحلة للتنمية الشاملة لحواس الطفل، وقدراته ومهاراته وميوله واتجاهاته؛ وذلک عن طريق الإعداد الشامل والتنمية العقلية، الحسية، الانفعالية، الاجتماعية، والبيئية للطفل، والتي تنبه حواسه وقدراته ومهاراته المختلفة وتزوده بالخبرات الأساسية في حدود إمکانياته واستعداداته ومستوى نضجه (أبو العليا والوهر،2001: 25).
وقد أثبتت معظم الدراسات التربوية إمکانية إکساب الأطفال مهارات التفکير الناقد إذا ما دربوا عليها، وبذلک يتمکن المتعلمون من التعامل مع المعلومات بصورة منطقية، وتتحول عقولهم إلى حالة من النشاط تعمل على ربط هذه المعلومات، ويستطيعون التعايش مع العصر التکنولوجي، وکم المعلومات الهائل، وإذکاء روح التساؤل عندهم (الجهني، 2013: 3)؛ أن مهمة التدريب على التفکير الناقد مهمة ليست بسهلة وإنما تتطلب تدريبا کافيا حتى يصبح المتعلم مفکراً ناقداً أولاً ثم تصبح لديه القدرة على ممارستها أمام الآخرين ويصبح بذلک نموذجا يمکن للمتعلمين الاحتذاء بممارساته وإدخالها في أبنيتهم المهارية والمعرفية (العياصرة،2011 أ:227).
ويعد التفکير ما وراء المعرفي من أکثر موضوعات علم النفس المعرفي (Cognitive Psychology) حداثة، مع أنه ليس بفکرة جديدة فقد وصف جيمس (James) وديوي (Dewey) العمليات ما وراء المعرفية بأنها تحتوي على التأمل الذاتي الشعوري خلال عملية التفکير و التعلم، وهي ضمن نظرية معالجة المعلومات تهدف إلى بناء نموذج لعمليات التحکم بالمعرفة بهدف تمييز العمل الاستراتيجي في حل المشکلة، وتعود إلى عمليات التفکير المعقدة التي يستخدمها المعلم أثناء نشاطاته المعرفية وتتمثل بالتخطيط للمهمة ومراقبة الاستيعاب وتقويم التقدم (العتوم،2004: 207).
ويشير((1988 Cross & paris أن استراتيجيات ما وراء المعرفة هي معرفة الأطفال ودرجة تحکمهم في تفکيرهم، والأنشطة المتضمنة في القراءة (Cross & paris,1988:p 131) .
وفي ضوء ما سبق نستطيع التأکيد على أن استراتيجيات ما وراء المعرفة هي قدرة الفرد على أن يعي عملية التفکير التي يقوم بها، وربما يرجع ذلک إلى أهمية التفکير في التفکير في تحسين عملية التعلم حيث يقرر کفافي (1997) أن تعليم التلاميذ کيف يفکرون في تفکيرهم وفي تفکير الآخرين يحسن عملية التعليم عندهم (کفافي،1997: 38).
وتعتبر استراتيجية التفکير بصوت عالً – أحد استراتيجيات ما وراء المعرفة – إحدى الطرق التي تساعد الفرد في الکشف عن أفکاره الحقيقية غير المرئية للآخرين لکي يرونها ويدرکونها، فهي تتيح للمدرسين رؤية مهارات تفکير طلابهم، کما تتيح للمتعلمين الفرصة ليسمعوا تفکيرهم وليتعلموا کيف يراقبون عمليات التفکير لديهم (جابر، 1999: 168).