الحمد لله الذي علم بالقلم , علم الإنسان ما لم يعلم , والصلاة والسلام على قدوة الأنام خير من أرشد وعلم , وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :-
فالتربية والتعليم من أهم مقومات نهوض الأمم في الماضي والحاضر , والأمة تعلو وترتفع بقدر تعليم أفرادها, وهذا واقع ملموس لا يخفى على کل ذي عين وبصيرة , فإذا نظرنا إلى أمة متقدمة فإننا نجد التربية والتعليم من أولى اهتماماتها . وتعد التربية الإسلامية من خصائص الأمة المحمدية, والتي تستمد قوانينها وأسسها من کتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم , وهي شرع من خالق الکون ومدبره وهو العالم سبحانه بما يصلح البشرية في کل زمان ومکان , فالتربية في الإسلام کما يرى (أبو جادو,2006م, ص245) " تعتبر لوناً خاصاً يمثل أسلوب بناء الإنسان المتوازن المتکامل , وطريقة لبناء ذاته وتکوين شخصيته عقلياً ووجدانياً , وترمي إلى صقل العقل الإنساني , إلى أقصى طاقاته من أجل خدمة الفرد من ناحية ورفع شأن المجتمع من ناحية أخرى".
وما من شک أن المعلم وانطلاقاً من مسئولياته وأدواره يعد المحور الرئيس لعملية التربية والتعليم . ومعلم التربية الإسلامية يختص بمنزلة ومزية عن غيره وذلک لانتسابه لتعليم التربية الإسلامية وهو المبلغ لها وينال هذه الرفعة من کتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . إن معلم التربية الإسلامية ليس مجرد صاحب مهنة أو وظيفة وإنما هو داعية وصاحب رسالة, ولذا أوصت الکثير من المؤتمرات والندوات بمراعاة هذا الجانب والتأکيد عليه ومن ذلک ما أوصى به المؤتمر الثالث لإعداد المعلم من التوکيد على تعزيز الجوانب السلوکية المعتمدة على الفهم الواعي للمبادئ والمثل الإسلامية لدى المعلمين والتلاميذ والالتزام بها في التعامل داخل المدرسة وخارجها ويتحقق ذلک من خلال الآليات التالية :
1- تضمين برامج إعداد المعلمين الصفات الشاملة : الأخلاقية والعلمية والمهنية التي يجب أن يتصف بها المعلم المسلم , وفق الأطر والمبادئ الإسلامية المستنبطة من الکتاب والسنة والفکر التربوي الإسلامي الصحيح , ووضع مقاييس يُقوَّم على أساسها المعلم وما يملکه من الصفات .
2- حث المعلمين على ضرورة التعمق في السيرة النبوية وسير الصحابة رضوان الله عليهم؛ ليقتبسوا منها الدروس والعبر والفضائل ؛ لتصبح جزءاً من کيانهم وسلوکهم ويقتدي بهم طلابهم.
3- ضرورة أن يکون قدوة حسنة لتلاميذه وتأکيد هذا البعد عند إعدادهم , وتدريباتهم , وإعادة تأهيلهم .
4- وضع قضية تهذيب السلوک ضمن القضايا الأساسية التي تتابعها المدرسة من خلال اجتماعات معلميها , ومجالس الآباء فيها . (توصيات المؤتمر التربوي الثالث لإعداد المعلم , 1420هـ , ص143)
إن الاهتمام بالمعلم وتنميته وتأهيله ما هو الا انعکاس لأهمية الدور الذي يقوم به في العملية التعليمية هذا الدور الذي أکد أن المعلم هو المحور الأساسي والرئيس والذي لا غني عنه في العملية التعليمية. ومهنة التعليم ودور المعلم لهما أهمية خاصة لأن المعلمون من خلالها يجددوا ويبتکروا وينيروا عقول طلابهم، کما أنهم يسهمون بلا حدود في رفاهية مجتمعاتهم ، ولکون المعلم هو المسئول الأول عن أداء وتنفيذ العملية التعليمية على أسس فنية وعلمية ، وهو المسئول الأول عن نجاحها أو فشلها کما أنه يلعب دوراً مهماً في حياة الفرد والأمة. ومعلم التربية الإسلامية في المرحلة الثانوية يجب أن يکون مهيأ علمياً ومهنياً وأخلاقياً ونفسياً لمواکبة تطورات هذه المرحلة, وأن يکون قادراً على التعامل مع طلاب هذه المرحلة الذين يعيشون أصعب مراحل نموهم العمرية وهي فترة المراهقة وما يصاحبها من تغيرات نفسية. وعلى الرغم مما تبذله الجامعات والمؤسسات التربوية من إعداد المعلم لهذه المرحلة المهمة , إلاّ أن الباحث يرى من الواقع الذي يعيشه صوراً من معلمين ربما لا يحسنون التصرف في إعداد هذه الفئة من الشباب الذين هم عماد الأمة وقوتها بعد الله من معلمي المرحلة الثانوية, وخاصة معلمي التربية الإسلامية وهم الذين تعظم الحاجة إليهم في ظل متغيرات العصر الحديث التقنية والفکرية.