إن المتأمل في حال العالم اليوم يرى عصراً شهد تغيراً وتقدماً تکنولوجياً في مختلف جوانب الحياة، ومن أبرزها التطورات الکبيرة التي حدثت ومازالت تحدث في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات والأجهزة الرقمية والحاسب الآلي، وقد شکلت هذه التغيرات والتطورات في مجال التکنولوجيا تحدياً کبيراً للمؤسسات التربوية المختلفة، ما جعلها تسعى لإعداد مناهج وبرامج تتلاءم مع هذا التطور وتجعل المتعلم قادراً على التکيف معها، ولذلک سعى التربويون إلى الاستفادة من التکنولوجيا ودمجها بالتعليم وعملوا على بناء مناهج دراسية تتمشى مع تقدم التکنولوجيا لتحقيق مخرجات أفضل.
وفي طور تجديد المناهج الدراسية لمواکبة العصر التکنولوجي، تجددت طرق وأساليب واستراتيجيات التدريس حيث دُمجت التکنولوجيا في نواحي مختلفة، وأصبحت عاملاً من العوامل التي تساعد في نجاح العملية التعليمية، وتغيرت الأدوار التي يقوم بها کل من المعلم والمتعلم، فالمعلم الآن يسعى إلى إکساب المتعلمين مهارات تساعدهم وتحثهم على التعلم الذاتي،والمتعلم هو المحور الأساسي للعملية التعليمية.
ومن هنا يمکن اعتبار التعليم المدمج حلاً بديلاً عن التعليم التقليدي، فالتقنيات غير المحدودة التي يتيحها التعليم المدمج تساهم في رفع مستوى التعليم، بحيث يکون متاحاً للمتعلم المشارکة في أنشطة مختلفة وتحفزه على البحث والاستقصاء، وقد أوردت العديد من الدراسات التربوية التغير الهائل جراء إدخال الإنترنت في العملية التعليمية، فقد أشارت بلجون (2008) إلى فاعلية استخدام الإنترنت کوسيلة تعليمية لأداء الواجبات المنزلية وأثرها الإيجابي على تنمية التحصيل الدراسي لدى الطالبات، وأوصت بمزيد من الاهتمام بمجال الإنترنت وتوفيره مجاناً، والعمل على توفير أجهزة الحواسيب وتوفير التسهيلات الفنية اللازمة، وکذلک عمل الدورات التدريبية في مجال استخدام الإنترنت.
وتعد الرحلات المعرفية عبر الويب (WebQuest) من أساليب التعليم الإلکتروني الذي يساعد على تحسين عملية التعليم والتعلم حيث يجمع بين التخطيط التربوي والتعليمي المحکم من جهة وبين استخدام الحاسوب والإنترنت من جهة أخرى (سمارة، 2013).
ونظراً لأهمية استخدام الإنترنت في التعليم وأثره في تسهيل عملية التدريس، اهتمت العديد من الدراسات باستخدام استراتيجية الرحلات المعرفية في المواد الدراسية مختلفة، فقد أشارت دراسة السمان (2014) إلى فاعلية الرحلات المعرفية في تنمية مهارات التفکير الرياضي لدى طلاب المرحلة الإعدادية، وأوضحت دراسة سمارة (2013) الأثر الإيجابي لاستراتيجية الرحلات المعرفية في التحصيل المباشر والمؤجل لدى الطالبات في مادة اللغة الإنجليزية، وأکدت دراسة عبد الجليل (2012) على نجاح استراتيجية الرحلات المعرفية في تنمية الميول الجغرافية والتفکير الجغرافي لدى تلاميذ المرحلة الابتدائية.
ولم يکن تعليم العلوم بمعزل عن هذه الثورة الحديثة بل کان وثيق الصلة بها، والعلوم الطبيعية تعد من أهم المجالات التي أحدثت التقنية الحديثة وعلى الأخص تقنية الحاسب الآلي وتطبيقاته، ويمکن اعتبار مواد العلوم الطبيعية من أکثر المواد الدراسية ارتباطاً بالتقنية سواء معرفياً أو من حيث دمج هذه التقنية في نمو الطالب العلمي المتکامل الذي يسعى أن يکون تعليمه ذا معنى (البلطان،2013).
کما أن العلوم من المواد الدراسية التي تتأثر اتجاهات المتعلمين نحوها بالعديد من العوامل المؤثرة في تعليمها وتعلمها سواء تلک التي تتعلق بالمادة الدراسية أو طريقة تدريسها أو معلمها أو البيئة المدرسية؛لذا تُولي التربية وفق الفلسفة الحديثة اهتماماً بالجانب الوجداني ومضمونه يوازي الاهتمام بالجانب المعرفي، وما الاتجاه نحو المادة الدراسية إلا واحداً من مضامين الجانب الوجداني للفرد والتي يجب على التربية غرسها وتنميتها لدى المتعلمين ومنذ المراحل الدراسية الأولى،إذ أن للاتجاهات أهمية کبيرة کونها تؤثر في سلوک المتعلمين ودوافعهم، وهي ناتجة عن الخبرة والتعلم کما أن للتعلم دوراً کبيراً في تنمية الاتجاه نحو المادة الدراسية، کما أن للبيئة الصفية والمعلمين وطرق التدريس دوراً في غرس وتنمية الاتجاهات لدى المتعلمين (مراد وجمع، 2006 ).
وإذ يعد الاتجاه نحو مادة العلوم أحد مجالات أهداف تدريس العلوم (مجال الاتجاه والقيم) والتي يتضمن تنمية اتجاهات إيجابية نحو العلم ومادة العلوم ومعلميها، وتنمية الاتجاهات الإيجابية نحو الفرد (المتعلم) نفسه بإمکاناته وقدرته على العمل وتحقيق المطلوب ( زيتون، 2010).
ولقد اهتم العديد من الباحثين بتنمية اتجاه المتعلمين نحو العلوم حتى يتکون لديهم الرغبة والدوافع لمتابعة العلوم ودراستها واستخدام الطريقة العلمية في التفکير، لذا رکزت العديد من الدراسات والبحوث على الاهتمام بتنمية الاتجاه نحو مادة العلوم ومنها دراسة صالح (2009) والتي هدفت إلى تنمية الاتجاه نحو مادة العلوم باستخدام أنشطة الدراما الإبداعية لطلاب المرحلة الابتدائية، ودراسة العفون وجليل (2011) والتي هدفت لتنمية الاتجاه نحو مادة الکيمياء بتطبيق نموذج جانييه على الطلاب.