تحظى قضية حقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرون باهتمام متزايد لدى الباحثين وأصبحت قضيه ضرورية بين القضايا التربوية والاجتماعية والسياسية، فحقوق الإنسان قضية حضارية وإرادة ضغط سياسي، وقد بذلت جهودٌ عالمية وإقليمية ووطنية عديده لنشر حقوق الإنسان على نطاق واسع، وبالطبع کان عقد الأمم المتحدة للتربية على حقوق الإنسان (1995م- 2004م) کما أعلنت في أيلول سبتمبر أن تکون الفترة أيضا من 2010- 2014م عقد الأمم المتحدة للتثقيف في مجال حقوق الإنسان هو ذروة هذا الاهتمام العالمي الذي جرت خلالهما نشاطات وجهود عالمية لنشر ثقافة حقوق الإنسان([1]).
إن تعليم حقوق الإنسان أصبح يُنظر إليه باعتباره يمثل "درهم الوقاية الذي يعتبر خير من قنطار علاج" بدلاً من الجهود المتواصلة في ملاحقة حقوق الإنسان والمطالبة بوقفها من جانب منظمات حقوق الإنسان فالأجدى هو بذل جهود مضاعفة من أجل تدريس حقوق الإنسان للأجيال الشابة منذ الصغر لکي تتشرب قيم ومبادئ هذه الحقوق ومن ثم تتعود على احترامها في المستقبل الأمر سيساعد على تقليل وقوع الانتهاکات في المدى البعيد.
ومن أهم التحديات التي تواجه أغلب البلدان العربية ليس غياب ثقافة حقوق الإنسان ومفاهيمها ومبادئها، وإنما تتمثل في تحويل حقوق الإنسان ومفاهيمها ومبادئها إلى فعل تربوي يقدر المعلم والمتعلم على استيعابه وعلى توظيفه في حياته اليومية والعملية، وهذا الأمر يستدعى أن يأخذ واضعو المناهج، ومعدو الکتب والأدلة المنهجية وغيرها مع اعتبارهم مسائل أساسية من منظور حقوق الإنسان.
فمسئولية التربية على حقوق الإنسان تقع على المؤسسات التربوية والجامعة أولا هي إحدى تلک المؤسسات التي تنطوي على دور بالغ الأهمية نظراً للارتباط بين نسبه کبيرة من أفراد المجتمع الفاعل بتلک المؤسسة وما تشکله من تأثير کبير عليهم، وهو ما يعنى أن ثقافة حقوق الإنسان والوعي بها يجب أن تشکل مکوناً رئيسياً في العملية التعليمية الجامعية أساسه تعزيز قيم وثقافة حقوق الإنسان في الجامعة لضمان إخراج جيل واع مؤمن بقيم الديمقراطية والتسامح وحرية الرأي والتعبير والاختلاف من ناحية ومن ناحية أخر ضمان لبيئة تعليمية مناسبة تنشأ من خلالها العلاقات على أساس احترام الکرامة الإنسانية وأعمال العقل والتفکير والإبداع ونبذ العلاقات السلطوية والتلقينية والإذلال والأهانة([2]).
([1]) الأمم المتحدة، "مبادئ تدريس حقوق الإنسان، جنيف، 2003م، ص 11.
([2]) سلطان عبد الحميد المحامى، "برنامج دعوة الإصلاح سياسة التعليم"، ندوة سياسة التعليم الجامعي جذور المشکلة وأولويات الحل ورق عمل مؤسسات التعليم الجامعي وحقوق الإنسان، مرکز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان، الجمهورية اليمنية، 2012م، ص 2.