يتميز العصر الذي نعيشه اليوم عما سبقه من العصور بالتغير والتطور السريعين في کافة المجالات وخاصة في تقنيات الاتصال وخدمات المعلومات وکان لهذا التطور والتقدم التقني خاصة بعد ظهور شبکة الانترنت تأثيراً کبيراً في کافة مجالات الحياة فقد ربطت العالم بعضه ببعض وأصبحت المعلومات والأحداث تنتقل إلى أقصى مکان في العالم في جزء من الثانية وباتت هذه التقنيات مطلباً من مطالب هذا العصر الذي اتسم بها وبدأ يستخدمها في کافة عمليات الإنتاج والتطوير.
وقد أدَّى الطلب المتزايد على التدريب -بسبب الانفجار المعرفي والتغيرات المتسارعة في کافة التخصصات والمهن- وکذلک المشکلات والصعوبات التي تواجه النمط التقليدي منه أدَّى إلى إعادة النظر في نظم التدريب التقليدية من أجل التکيف مع المتغيرات وسد الحاجة المتزايدة للتدريب، وقاد إلى توظيف تقنيات الاتصال الحديثة في التطوير واستخدام نمط اخر وهذا النمط من التطوير يتيح الفرصة لآلاف العاملين من الاستفادة من البرامج التطويرية من مواقع عملهم أو مکاتبهم أو حتى منازلهم .
ويعتبر التطوير المهني الذاتي من أهم مداخل التطوير المهني والذي أخذ بالانتشار في معظم المؤسسات الحکومية والخاصة في الدول المتقدمة، حيث تشير الدراسات إلى حدوث نقلة نوعية في مجال التطوير المهني في نهاية القرن العشرين حيث انتقل من المفهوم الضيق وهو التدريب التقليدي إلى مفهوم واسع وشامل وهو التطوير المهني الذاتي، والذي يعتمد فيه الموظف على ذاته لاکتساب أو تطوير مهارات أو خبرات أو اتجاهات أو معلومات جديدة يرفع من خلالها مستواه بصورة شاملة ومستمرة (العليان، 2011م)، وقد اعتبر العديد من الخبراء أن التطوير المهني الذاتي أحد أهم جوانب النمو المهني التي تمکن الموظف من مواکبة معطيات العصر، حيث يسعى الموظف بدوافع ذاتية للبحث عن ما يستجد في مهنته، ويحاول تطوير أدائه بشکل مستمر يتوافق مع المتطلبات المهنية والعلمية المتسارعة، إضافة إلى أن التطوير المهني الذاتي يراعي خصائص الموظفين النفسية والاجتماعية والبدنية.
ومع هذه المميزات وغيرها للتطوير المهني الذاتي وفي ظل الأساليب التقليدية في تدريب الموظفين في المملکة العربية السعودية وما تعانيه من محدودية قنوات التدريب وقلة الفرص التدريبية المتاحة تکون الحاجة ماسة إلى إعادة النظر في هذه الأساليب المستخدمة، ويأتي في مقدمة القطاعات الحکومية التي يجب إعادة النظر في أساليب التدريب لديها وزارة التعليم لأنها من أکثر القطاعات الحکومية من حيث عدد الموظفين - المعلمين - ولانتشار موظفيها في کافة مدن وقرى المملکة المترامية الأطراف ولضرورة توفير الفرص التدريبية لکافة المعلمين والمعلمات من أجل المساهمة في النمو المعرفي والمهني لهم وبالتالي تحسين أدائهم من أجل تحقيق الأهداف المرسومة بکفاءة وفاعلية، وفي هذا الإطار تأتي هذه الدراسة للتعرف على متطلبات التطوير المهني الذاتي لمعلمي التعليم العام بالمملکة العربية السعودية من وجهة نظر مشرفي ومشرفات التدريب التربوي بصفتهم المسئولين عن عمليات التطوير المهني للمعلمين من حيث التخطيط وبناء الحقائب التدريبية والتنفيذ والتقويم وکذلک لاطلاعهم المباشر على المشکلات التدريبية التي قد تواجه العملية التدريبية بحکم انتشارهم في مناطق ومحافظات المملکة العربية السعودية.