اللغة العربية لغة جلال وجمال، فهي لغة جلال؛ لکونها لغة القرآن الکريم، الذي أنزله الله عز وجل على أشرف الخلق، ليختم به کتبه، وبهذا نالت شرفا لم يتح للغة غيرها. وهي لغة جمال؛ لما فيها من بدائع وأسرار، وجمال وبلاغة، ومعانٍ وبيان، جعلتها من أثرى لغات العالم في مفرداتها وتراکيبها.
ونظرا لارتباط اللغة العربية بدين الإسلام، فإن هذا جعل کثيرا من أبناء المسلمين – غير العرب- يقبلون على تعلمها؛ کي يتفقهوا في دينهم؛ لأنها الأداة التي يستطيع بها المسلم قراءة القرآن، والعلوم المرتبطة به من تفسير، وفقه، بالإضافة إلى الاطلاع على المصدر الثاني للوحي والمتمثل في السنة النبوية المطهرة.
لذلک تأتي الأسباب والدوافع الدينية في المقدمة عند النظر إلى الأسباب التي تدفع متعلمي اللغة العربية الناطقين بلغات أخرى إلى تعلمها ، وهذا أشارت إليه دراسة الناقة(1985، 58) ، ودراسة آزاد (1998)، ودراسة الحديبي (2013، 185).
بالإضافة إلى الأسباب الدينية هناک أسباب متعددة، ودوافع متنوعة لدى کثيرين لتعلم اللغة العربية، منها أسباب ثقافية، وسياسية، واستخباراتية، واقتصادية، ولغوية ، واستشراقية.
کما أن الأمم تواجه منذ ثمانينيات القرن العشرين العديد من التحديات لعل أهمها تحديات العولمة ، مما يجعل دور اللغة أکثر أهمية، حيث إن معظم التحديات الخارجية يتم اکتسابها وعرضها من خلال لغة الأمة القوية أو المسيطرة؛ لذلک فإن الأمة العربية کي تستطيع أن تحافظ على هويتها الثقافية وأن يکون لها کلمة في ظل هذه التحديات عليها أن تهتم بتعليم لغتها لأبنائها وللناطقين بلغات أخرى.
لذلک ظهرت مراکز ومعاهد ووحدات لتعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى؛ في الدول العربية وغير العربية بحيث تلبى احتياجات الراغبين في تعلمها وفقا لأغراضهم المختلفة، ودوافعهم المتنوعة، وأصبح هناک کثرة في عدد هذه المعاهد بشکل ملحوظ، ففي المملکة العربية السعودية على سبيل المثال، بعدما کانت هناک أربعة معاهد فقط لتعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى في جامعة الملک سعود، والجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة أم القرى ، بدأت تظهر معاهد أخرى في کثير من الجامعات، فظهر معهد تعليم اللغة العربية للناطقات بغيرها في جامعة الأميرة نورة بالرياض، ومعهد تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها في جامعة الملک عبد العزيز بجدة، بالإضافة إلى المعاهد والوحدات المخطط لإنشائها في عدة جامعات مثل نجران ، وتبوک، والقصيم، والجوف.