إن التطورات السريعة في مجال تکنولوجيا المعلومات والاتصالات أحدثت تغيرات کبيرة في عملية معالجة المعلومات، وإنتاج المعرفة واستحداث نماذج التعلم. ومن هذا المنطلق يتوجب على المؤسسات التربوية عدم إعطاء المتعلمين المحتوى العلمي في صورة جاهزة بل تشجيع المتعلم على البحث والتقصي والابحار في عصر المعلوماتية وتقييم کل ما يجده، ومن ثم يقوم بنقده ليتبنى منه ما يجده نافعًا لحياته العلمية والعملية.
لقد أصبح الهدف الرئيسي من التربية في الوقت الراهن هو إعداد المتعلمين لمجتمع المعرفة، فلم يعد من الکافي الترکيز على إتقان المحتوى العلمي بل ينبغي تجاوز ذلک إلى إکساب التلاميذ المهارات اللازمة لحل المشکلات وبناء المعرفة. وتتضمن الممارسات التربوية لإکساب التلاميذ هذه المهارات تشجيعهم على التعاون فيما بينهم والمشارکة الفاعلة في الانشطة البحثية، وتقاسم المعرفة والنقد الذاتي للمارسات التعلم (Kozma, 2003,7). وقد اقترح العديد من الباحثين أنه من أجل تسهيل تعلم عمليات المعرفة ذات المستويات العليا يجب أن تکون بيئة التعلم أقرب ما يکون لبيئة الاستقصاء العلمي، وهذا يتضمن المشارکة في العمليات التعاونية من طرح أسئلة وإنتاج نظريات وتفسيرات، واستخدام مصادر التعلم بصورة ناقدة (Lakkala, 2007, 35).
وعلى الرغم من أهمية النظرية البنائية وما انبثق عنها من نماذج تدريسية عديدة کان لها قيمة کبيرة في تطوير المناهج إلا أن (زيتون، وزيتون، 2003، 279) يشيران إلى أن المدخل البنائي لا يحقق کل أهدف التعلم على النحو المرجو، ولا ينمي کل أنواع المعرفة بنفس الفاعلية، ومن ثم يجب ألا تکون له وحده السيادة في التعلم المعرفي بالمدارس، ويتسق هذا التوقع إلى حد ما مع بعض الکتابات النقدية عن تطبيقات البنائية في التعلم على أنها ليست بالترياق الشافي من کافة الامراض، ولکنها أحد البدائل التي تصلح لمواقف تعليمية معينة ولا تصلح لمواقف أخرى، ومن ثم يجب توظيفها حيث تکون مناسبة.