يشهد العالم في الوقت الراهن، تنامي مضطرد في المعرفة والمعلومات، أدت إلى إحداث نقلة نوعية في سمات الحياة في العصر الحالي .وقد أدى التقدم العلمي والتکنولوجي إلى بروز دور المعرفة بشکل واضح وجلي، بحيث أصبحت المحرک الفاعل في العملية الإنتاجية، وفي دفع عجلة التقدم والتطور في جميع المجالات والميادين .
فالمعرفة منذ القدم منطلق لاتخاذ القرارات، وأساس مهم لوضع الخطط والبرامج، ودافع من دوافع الحرکة على مختلف أشکالها؛ إلا أنها في مجتمعنا المعاصر أصبحت ذات شأن آخر؛ إذ صارت مصدراً من مصادر القوة وضرورة حتمية من ضرورات التنمية المستدامة ومعياراً أساسياً من معايير الحکم على تقدم المجتمعات(رشدي طعيمة،2005م).
وتُعد المعرفة العنصر الأساسي من عناصر الإنتاج، فقد تحول الاقتصاد من اقتصاد مبني على الآلة والموارد الطبيعية إلى اقتصاد مبني على المعرفة، لذا سمي هذا العصر عصر اقتصاد المعرفة.
واقتصاد المعرفة هو المحافظة على النتاج الفکري وتسويقه والاستفادة منه، وهو يسهم في تنمية الإبداع المعرفي؛ والإبداع المعرفي يسهم في تنمية الاقتصاد وبدوره يسهم في تقدم المجتمع وازدهاره( توفيق مريحيل، 2013م). وهو يمثل دعامة حقيقية لکافة عوامل الإنتاج في جميع دول العالم التي تسعى للنهوض واثبات تفوقها في القرن الحادي والعشرين.
واللغة العربية ليست بمنأى عن تحقيق مکتسبات اقتصاد المعرفة فهي أداة التفکير ووسيلة الاتصال وبها يتم الحفاظ على التراث الثقافي، ويرى Rooney&Ninan,2005)) أنه لابد من تسليط الضوء على مجالات جديدة هامة تهم اقتصاد المعرفة مثل: الحکمة، والأخلاق، واللغة التي يتم تجاهلها إلى حد کبير.
وبما أن اقتصاد المعرفة يعتمد اعتماداً أساسياً على نشر المعلومات واستثمارها، حيث أن نجاح أي مؤسسة يعتمد کثيراً على فعاليتها في جمع المعرفة واستعمالها لرفع الانتاجية وإنتاج سلع جديدة، لذا فإن اقتصاد المعرفة يحتاج نوعاً جديداً من التعليم تکون مخرجاته قادرة على التعامل مع معطيات العصر الذي من سماته التقدم التقني الهائل في جميع المجالات. فلن تکون لنا منافسة إقليمية أو عالمية إلا إذا استطعنا صناعة تلميذ عصر المعرفة.
وقد أخذت الکثير من الدول المتقدمة على عاتقها مهمة إصلاح وتطوير المناهج الدراسية وفقاً لمتطلبات الاقتصاد المعرفي، واتخذت منه نموذجاً لمعرفة نقاط القوة والضعف في النظام التربوي، وعليه تحول دور المعلم إلى ميسر لعملية التعلم(Yim-Teo,2004).
کما سعت بعض الدول إلى تعديل أنظمة التعليم الوطنية إلى الاقتصاد القائم على المعرفة کنهج جديد، وکيف لسياسات التعليم أن تسهل التکيف مع التغير الاقتصادي وذلک من خلال التعلم مدى الحياة. Nelson ,Moira(2010))
ويُعد التقويم نقطة هامة لتطوير مکونات العملية التعليمية. والکتاب والمعلم من أهم أرکانها ومکوناتها. وفي ضوء ما يشهده العالم أجمع من اهتمام بالغ الأهمية بضرورة مواکبة العصر ومتغيراته المتلاحقة تظهر ضرورة الاهتمام أيضاً بملاحقة هذا التطور والذي يراه البحث الحالي ممثلاً في اقتصاد المعرفة وضرورة مواکبة مناهجنا لذلک.
وجاء الاهتمام بتقويم محتوى کتب اللغة العربية بالمرحلة الابتدائية من منطلق أن اللغة العربية هي الأداة الرئيسة للحصول على المعرفة وانتاجها ونشرها؛ فاللغة العربية هي الوعاء الذي يتحرک من خلاله الفکر العربي، والأداة التي تشکل رؤاه. والمرحلة الابتدائية بصفتها بداية السلم التعليمي والأساس الذي يبنى عليه ما بعده.
ويُعد المعلم المحرک الرئيس في العملية التربوية، وکل ما يتم التوصل إليه من نتائج واستنتاجات يبقى ناقصاً ما لم تتوفر القيادة الحکيمة الواعية المؤهلة تربوياً وعلمياً ونفسياً والمتمثلة في المعلم؛ حيث أظهرت نتائج دراسة أجراها رنزولي أن المعلم يمثل المرکز الأول من حيث أهميته في نجاح البرامج التربوية من بين خمسة عشر عاملاً أساسياً وتأتي المناهج في المرتبة الثانية.(عطا أبو جبين، 2011م، ص 306).
وجاء الاهتمام بالتکامل والربط بين ما يمتلکه المعلم من مهارات يتطلبها اقتصاد المعرفة وما تحويه کتب اللغة العربية من متطلباته من أنه ينبغي أن يمتلک معلم اللغة العربية من المهارات ما يستطيع من خلاله تحقيق أهداف المنهج والمتمثل جزء منها في المحتوى الدراسي.
کما أن صناعة تلميذ عصر المعرفة ترتبط بمحاور ثلاث هي أداء المعلم وما يرتبط به من طرق التدريس التفاعلية وجودة محتوى الکتاب المدرسي.
وهناک العديد من الدراسات السابقة في هذا المجال؛ منها ما اهتم بتقويم محتوى المقررات الدراسية المختلفة ومنها ما اهتم بتقويم أداء المعلم وذلک في ضوء متطلبات اقتصاد المعرفة،