تُعنى التربية الجمالية بصفة أساسية بالتربية عن طريق الحواس، فهي تهتم برعاية الذائقة الجمالية، وتنمية قدرات الأفراد. وتعتبر التربية عملية لتوثيق الصلة بين الناشئ والبيئة في ظروف معينة تعينه على النمو في الاتجاه المرغوب فيه. وتستلزم هذه العملية معرفة ما هو مرغوب فيه من الأفعال والشعور والتفکير. وتعد المدرسة من المؤسسات الاجتماعية التي تقوم بعملية التربية وفق الأهداف العامة التي يرتضيها المجتمع (ريان،1984م، ص5).
ولعل من أبرز الأسس التي نصت عليها وثيقة سياسة التعليم في المملکة العربية السعودية هو مبدأ التربية المتکاملة المستمرة، نظرًا إلى أننا نعيش في عالم متغير تتزايد فيه حاجة الإنسان إلى تربية شاملة ومتوازنة (الحقيل، 2011م، ص137).
وإذا کان الهدف الأول للتربية هو تکوين الشخصية المتکاملة بجوانبها المختلفة، فإن الجانب الجمالي لا يقل أهمية في نظر المربين في تکوين الشخصية عن أي جانب آخر، ويؤکد على ذلک "خطار "(2001م، ص 8) بقوله: "تشکل التربية الجمالية جزءًا مهمًا من مناهج المؤسسات التعليمية، وفي تطبيقاتها العملية، نظرًا لأهميتها في النمو المتکامل للشخصية"
ويؤکد على ذلک "أورسينجر" (Orsinger,2014) في نتائج دراسته، حيث أشارت إلى أن التربية الجمالية تعمل على تنمية الشخصية المتکاملة؛ لأن ذلک يعتبر الهدف الأول لها، حيث يعتبر الجانب الجمالي أحد الجوانب الأساسية في تلک الشخصية، فهي تساعد على نمو الشخصية الإنسانية نموًا متکاملًا.
وقد أکد "شيللر" Schiller (1991م) هذا المعنى في کتابه "التربية الجمالية للإنسان"، حيث قال: إن التربية الجمالية تعمل على إکمال النقص، وتحقيق التوازن في النفس البشرية، فمن غلبت عليه النواحي المادية، جذبه الجمال إلى عالم الفکر، ومن غلب عليه الفکر، جذبه الجمال إلى عالم المادة والحس.
وتوصلت نتائج دراسة "أحمد" (1992م) في مکة المکرمة، إلى أن التربية الجمالية تنمي الفضيلة الأخلاقية، وأن الحس الجمالي يقوى دافع الملاحظة والتأمل، ويشجع القدرة الدقيقة على التعبير الفني، وإثراء قدرة الخيال. وأن الدافع الأساسي في التقدم في ميادين الحياة المختلفة والطاقات الخلاقة إنما ينبثق من الشعور الحسي المتدفق الذي ينظمه الفن، ويصقله الإبداع، وأن الجمال والزينة مصاحبتان للعبادة السليمة.