" لقد أثبتت سنغافورة التزاما ثابتا بالإنصاف والجدارة، حيث شکلت الجدارة حجر الزاوية في فلسفة حکومة لي کوان يو Lee Kuan Yew ، وعُدّ تحسين التعليم منذ البداية إستراتيجية رئيسية لتحقيق الأهداف الاقتصادية الطموحة لسنغافورة، ونتيجة لذلک فقد صنفت بيرسون للخدمات التعليمية في تقريرها عن التعليم عام 2012- وفقا لبيانات وحدة الإکونوميست للمعلومات – النظام التعليمي في سنغافورة في المرتبة الخامسة عالمياً من بين أفضل النظم التعليمية في العالم في المهارات المعرفية والتحصيل العلمي، وقد أکدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في نتائجها أن سنغافورة تتمتع بنظام تعليمي عالي الجودة له مميزات منها:المعلمون والمديرون ذوو الکفاءات العالية والقادة الأقوياء ذوو الجرأة على الرؤى بعيدة المدى". (الدخيل،2014،ص149-150).
إن المتتبع لتطور نظام التعليم في سنغافورة والإصلاحات التي شهدها يتضح له حرص الحکومة على التعليم واعتباره استثمار في رأس المال البشري، ومن أهم جوانب سير العملية التعليمية على أفضل وجه المتابعة والتقييم المستمر لکافة عناصرها ويذکر (الدخيل ،2014) أنه قد تحقق ذلک من خلال إنشاء هيئة تفتيش المدارس واتخاذ إجراءات أخرى لضمان إتباع المعلمين للمناهج وأساليب التدريس المکلفين بها مرکزيا وهذا کان قبل الثمانينيات، وبحلول منتصف التسعينيات بدأت مرحلة جديدة لإصلاح نظام التعليم والتي عرفت باسم "النموذج المرکز على القدرة" والتي أطلق فيها العديد من المبادرات کان أولها عام 1997 وهي مبادرة "مدارس التفکير،تعلم الأمة" (TSLN)وقد قامت هذه المدارس على أربعة مبادئ :
الأول: الاستناد على نوعية جيدة من المعلمين ولذلک اتخذت تدابير صارمة من أجل رفع مستوى المعلمين وتحفيزهم وتطويرهم مهنيا.
الثاني: منح قادة المدارس والمعلمين المزيد من الاستقلالية في ابتکار أساليب التعليم التي تتلاءم مع بيئة مدارسهم واحتياجات طلابهم.
الثالث: إلغاء نظام التفتيش المرکزي واستحداث نموذج التمييز المدرسي (SEM) وهو نموذج تقع فيه المسئولية والتحکم على عاتق المدارس .
الرابع: تقسيم المدارس إلى مجموعات يشرف عليها موجهون مختصون تتشارک هذه المجموعات الأساليب التعليمية والخبرات عبر نظام المصادر المشترکة داخل المجموعة I share .
وفي عام 2005 جرى إطلاق مبادرة جديدة وهي"تعليم أقل، تعلم أکثر" (TLLM) وفيها أيضا امتلاک زمام السيطرة يعود للمعلمين والمدارس وقادتها وکان يتعين على وزارة التعليم أن تکون مرنة وتسهل القرارات بتقديم الدعم اللازم لتعزيز الأساليب المهنية لمهنة التدريس.