رافق الاهتمام بالنص وتوسيع مفهومه والبحث في تطوير عمليات فهمه ,اهتمام مماثل في تطوير طرق تنظيمه وأشکاله وإمکانية أن يصنع من نفسه عالماً خاصاً تتفاعل فيه بنيات مختلفة , تستهدف القارئ وتقوده نحو النص , وتساعده على ملامسة سحره ومقاربة خيالاته والتعرف على مختلف جزئياته وتفاصيله والکشف عن مجمل علاقاته البنائية ,ومن ثمَ سارت اليوم بعض الدراسات المعنية بالنص وطرق وآليات القراءة والتلقي نحو تسليط الضوء على طرق تنظيمه وآليات فهمه والخطابات المصاحبة له والمحيطة به الواقعة بين دفتي غلافه المعروفة بـ "العتبات" أو ما أطلق عليها "النص الموازي" , فالقارئ مفهوم أساسيّ مُستخدم في تحليل شروط تلقّي الأثر, وهو المعنيّ الأوّل بالحکم على ما يقرأ لما له من تأثير في النصّ, إذ ترى مدرسة جماليّة التلقّي أنّ الأثر الفنيّ لا يوجد إلا من خلال جمهور القرّاء، وأنّ تاريخ الأثر هو تاريخ قرّائه. فالعمل الأدبيّ، في نظرها، يتميّز بقطبيْن: أحدهما فنيّ وهو النصّ الذي أبدعه المؤلّف والآخر جماليّ وهو حصيلة التحقّق الذي ينجزه القارئ ولکلّ من النصّ والقارئ أفق انتظار مخصوص، بل إنّ تجربة التلقّي الجماليّة تکمن في ذاک اللّقاء الذي يتمّ بين الأفقيْن. وإنّ جودة العمل الفنّيّة مشروطة بالمسافة الجماليّة التي تتحدّد بمقدار انزياح أفق النص عن أفق انتظار القارئ. ([1]) فخطاب العتبات (Seuils) أوالنص الموازي (para texte) أيقونات دلالية تقود القارئ الى النص , إنه (نوع من النضير النصي الذي يمثل التعالي النصي بالمعنى العام)([2]) مجموعة من النصوص المحيطة تعقد علاقة ود مع النص فتکشف عنه وتعلن أسراره بوصفها المدخل الطبيعي إليه والمرشد للقارئ الى طريق التواصل معه والانفتاح على تراکيبه وأبعاده الدلالية والجمالية.
([1]) ينظر: د.مصطفى شميعة : القراءة التأويلية للنص الشعري القديم بين أفق التعارض وأفق الاندماج , دار الشرق، عمان ، ط1، 2001
([2]) جيرار جينيت : مدخل الى جامع النص، ت،عبدالرحمن ايوب، دار توبقال، المغرب، ط 2، 1986،ص91