لم يعد التعليم اليوم کما کان عليه منذ زمن من اهتمام تام بالمعارف والمعلومات وتقديمها للتلاميذ، ومطالبتهم بحفظها واستذکارها فحسب، بل أنه اليوم بات يحمل على عاتقه مسئوليات کبيرة يلزم تقديمها للطلاب داخل أسوار المدرسة والمجتمع وخار جها، فالتعليم قضية أمن قومي ، واستثمار ترتبط به تنمية قدرات الأفراد الإنتاجية والاقتصادية والعسکرية، وعليه کذلک إعداد وتأهيل شباب قادر ومسلح بالمعرفة والتکنولوجيا.
إن أى محاولة لإصلاح التعليم لن تحقق أي مردود ذو قيمة مجتمعية حضارية ما لم يحدث إصلاح سياسي يتناغم هو والإصلاح التعليمي وغيره من جوانب حياة المجتمع مع طموحات الأفراد وتاريخهم وحاضرهم، وما يجب أن يکون عليه مستقبلهم ، فالإصلاح السياسي هو الرکيزة الأساسية التى يمکن من خلالها تحقيق الإصلاح القومي لصالح الوطن والمواطن، والذي يؤدى إلي تحديد سياسة تعليمية قومية واجبة في الإطار الديموقراطي السليم، فالإصلاح السياسي مدخل رئيس لإصلاح التعليم (عفاف محمد جايل 2013م ، ص 45).
فقد تبنت الدولة في سياستها التعليمية أهداف استراتيجية (سعاد بسيوني عبدالنبي وآخرون 2008م ، ص ص 124-125) هى :
- الإتاحة وتحقيق مبدأ تکافؤ الفرص التعليمية من خلال توفير فرص تعليمية للتلاميذ في جميع المراحل ، من خلال بناء المدارس والاهتمام بالطفولة ، والتنسيق والتعاون مع مختلف الهيئات الحکومية والخاصة والمجتمع المدني والجهات الدولية.
- الجودة الشاملة في التعليم من خلال إتباع منهج الاصلاح المتمرکز على المدرسة وتأهيل المدارس للاعتماد التربوي ، والعمل علي تنمية القدرات البشرية وتحسين أحوال المعلم ، والترکيز علي الجانب الکيفي في التعليم ورعاية المتفوقين وبناء مراکز للتميز.
- کفاءة النظم المؤسسية من خلال وضع النظم الداعمة اللامرکزية وتحديد الأدوار والمسئوليات، ووضع استراتيجيات فاعلة وتطوير نظام للمعلومات والمتابعة والتقويم.
فقد أصبح تحقيق مبدأ الفرص التعليمية مطلباً مهماً لتقدم المجتمعات ، وأدرج حق التعليم لجميع الأفراد ضمن حقوق الإنسان التى نصت عليها الکثير من القوانين ، والتشريعات في کافة دول العالم لتحقيق تکافؤ الفرص التعليمية بين أفراد المجتمع الواحد (جمال على الدهشان 1993م ، ص 34).
وقد عملت مصر علي توفير فرص التعليم المتکافئة لکافة أبناء الشعب المصري حيث أصبح الالتحاق بالمدارس الإبتدائية إلزاميًا في دستور 1923م ، وکفل ذلک أيضًا قانون التعليم المصري، حيث نصت المادة 15 من قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981، على أن التعليم الأساسي حق لجميع الأطفال المصريين الذين يبلغون السادسة من عمرهم ، تلتزم الدولة بتوفيره لهم، ويلتزم الآباء وأولياء الأمور بتنفيذه وذلک علي مدي تسع سنوات دراسية(رئاسة الجمهورية ، قانون التعليم رقم 139 لسنة 1981).
فقد أکدت الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم قبل الجامعي (2007/2012) على تحقيق فرص متکافئة لجميع الطلاب المصريين للحصول على تعليم عالي الجودة يُمَکِنهم من أن تکون لديهم القدرة على التفکير العلمي الإبداعي والنقدي والمستقل ، والتعلم مدى الحياة ، والتسامح ، والتزود بالمهارات اللازمة التي تمکٍنهم من أن يکونوا مواطنين فعًالين في مجتمع عالمي دائم التغير(وزارة التربية والتعليم ، الخطة الاستراتيجية لتطوير التعليم قبل الجامعي 2007/2012م ، 2006م ، ص 5).
کما أکدت الرؤية الاستراتيحية لمصر(2030) على أن يکون التعليم بجودة عالية متاحًا للجميع دون تمييز في إطار نظام مؤسسي کفء وعادل يسهم في بناء شخصية متکاملة لمواطن معتز بذاته ، ومستنير، ومبدع ، ومسئول ، ويحترم الاختلاف ، فخور بوطنه ، وقادر على التعامل التنافسي مع الکيانات إقليميًا وعالميًا (وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري ، 2014م ، ص 32).
لذا إنه من المأمول فى ظل التغيرات المجتمعية والسياسية والاقتصادية التى حدثت بعد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير ، والثلاثين من يونيو حدوث تغيرات وتطورات بنيوية في التعليم, ووضع استراتيجية مستقبلية تکون على مستوى تطلعات وطموحات الثورتين.