مما لا شک فيه من أن التعلم يحتل مرتبة أولي في تقدم الأمم، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى العمل على الاهتمام بنوعية التعليم ومعاييره وأهدافه والشئ المؤکد هنا أن التعليم الذي يقود قاطرة التقدم هو تعليم يقود إلى التفکير.
کما أن العصر الحالي يشهد تطوراً تکنولوجياً وعلمياً نتج عنه کثيراً من المشکلات والتغيرات المعرفية، ونجاح الفرد في مواجهة هذه المشکلات والتغيرات، وتکيفه معها يعتمد على استخدام المعرفة وتطبيقاتها مع استخدام التفکير الإبداعي وحل المشکلات مما ينتج حلول إبداعية جديدة لهذه المشکلات.
ويهدف تعليم التربية الفنية بفروعها المختلفة إلى تزويد المتعلم بالخبرة الدقيقة لدراسة المشکلات الفنية وحلها، وإعطاء المتعلم طريقة الوصول للحلول المثلى للمشکلات المختلفة، وإثارة دافعيته لحل أسئلة ومشکلات حديثة کما أن تعليم الفنون المختلفة مرتبط بالقدرة على إيجاد طرائق مبدعة وحلول فنية غير مألوفة.
فتدريس التربية الفنية يهتم بنمو المتعلم نمواً متکاملاً في الجوانب المعرفية والمهارية والوجدانية، إلا أن الواقع الحالي لتدريس التربية الفنية يشير إلى استخدام معلمي التربية الفنية للأساليب التقليدية في التدريس والترکيز على تلقين الحقائق والمفاهيم ولا يعطي الاهتمام المناسب لتنمية ميول واهتمامات واتجاهات الطلاب نحو دراسة التربية الفنية وبالتالي في تحصيلهم الأکاديمي فيها (إيمان فوزي، 2006، 52).
وباستقراء الدراسات السابقة نجد أنه:
- دراسة "خير سليمان وآخرون" (2019) تشير إلي أن فروع التربية الفنية تساعد المتعلم على اکتساب السلوک الأمثل في حل المشکلات، والقدرة على إيجاد طرائق مبدعة وحلول غير مألوفة.
- ودراسة "إبراهيم أحمد عطيه" (2010) تشير إلي تعددت المداخل والأساليب التي اهتمت بتنمية التحصيل ومهارات الحل الإبداعي للمشکلات في مختلف المقررات.
- کما أشارت نتائج دراسة "إنجي صابر" (2013) إلي ضعف مستوي التحصيل لدي طلاب الفرقة الأولي بقسم التربية الفنية کلية التربية النوعية جامعة أسيوط، وأن طريقة التدريس التي يتبعها معلم التربية الفنية حالياً لا تهتم بتنمية مهارات التفکير في التربية الفنية.
- وفي حدود علم الباحثة وحدود بحثها لا توجد دراسة اهتمت بتنمية التحصيل المعرفي ومهارات الحل الإبداعي في التربية الفنية.
- ومن خلال تحليل الباحثة لرسومات الطلاب والأوراق الإمتحانية في التربية الفنية للفرقة الأولي بقسم التربية النوعية جامعة أسيوط على مستوي الکلية تبين أن معظم أسئلة الامتحانات تقيس جانب التذکر فقط بنسبة 97%، وأن 3% من الأسئلة تقيس مهارات التفکير والإبداع، وبالرغم من ذلک حصول الطلاب على درجات منخفضة في امتحانات نهاية الفصل الدراسي.
وفى ظل النظريات التي اهتمت بتفسير وتعليم التفکير ظهرت نظرية تريز (TRIZ) والتي عرفت باسم نظرية الحل الإبداعي للمشکلات والتي ظهرت على يد العالم الروسي (جيزتش سالوفيتس التشلر Genrich S. Altushuller) وتعني نظرية الحل الإبداعي للمشکلات وتتضمن هذه النظرية الکثير من المبادئ التي يمکن استخدامها لتنمية مهارات التفکير فتتضمن التناقضات والمبادئ الإبداعية والحل المثالي للمشکلات (يسري عفيفي وآخرون، 2015، 142).
وتستخدم نظرية تريز (TRIZ) عدة مبادئ لجعل الإبداع عملية منهجية منتظمة، إذ أن وجهة النظر التي تعتقد أن الإبداع عملية إلهام تحدث بطريقة عشوائية لم تعد قائمة، وتقوم النظرية علي ثلاث فرضيات وهي الحل المثالي هو النتيجة النهائية المرغوب تحقيقها والوصول إليها، وتعرف التناقضات التي لها دور أساسي في حل المشکلات بطريقة إبداعية، والإبداع عملية منهجية منتظمة تسير وفقاً لخطوات محددة (Domb, 1998, 17).
وقد أشار Apte & Mann "أبت ومان" (2001) إلي أن المنهجية التي تسير عليها نظرية تريز تکون وفق أربع مراحل هي کالتالي:
الأولي: تحديد المشکلة والتخلص من التناقضات.
الثانية: الاختيار بين عدة مشکلات مناظرة تم حلها بطريقة إبداعية.
الثالثة: تخصيص الحل المناسب للمشکلة باستخدام المبادئ الإبداعية.
الرابعة: التقويم، للتأکد من أن المشکلة قد تم حلها دون أن يترتب عليها ظهور مشکلات جديدة..
ويهدف تعليم الفنون بفروعه المختلفة (نحت، خزف، معادن، أشغال فنية، تصوير، تصميم أشغال خشب) إلى تزويد الطلاب بالخبرة المنظمة لدراسة المشکلة العملية، وإعطاء حلول لها کما أنه يساعد على اکتساب الطالب السلوک الأمثل في حل المشکلات، وإثارة دافعيتهم لإيجاد أسئلة ومشکلات جديدة (مدحت وليم، 2013، 150).
ومن هنا تبرز ضرورة الحاجة إلى تعليم جيل متسلح بالتفکير ومهاراته من أجل حل ما يواجهه من مشکلات في هذا العصر والتي سوف تعود عليهم بالفائدة في حياتهم المهنية والأکاديمية.