إن عالمنا الحالي يعيش موجة من التطور التقني الذي أحدث تطوراً معرفياً في جميع أشکال المعرفة وتخصصاتها.
وانبثق من تلک الموجة مجموعة من الظواهر المختلفة کان أهمها انتشار شبکات التواصل الاجتماعي، والتي کانت أضخم انجازات هذا العصر. وتقوم تلک الشبکات بدور فعال في إمداد الإنسان بکثير من المعلومات والمواقف والاتجاهات، مساهمة بذلک في تشکيل وعيه وإعداده ليکون أکثر قدرة على التأثير في الآخرين ، فهي تقدم تعلم اللغات وتسهم في ترجمة المعلومات من وإلى اللغة العربية من أجل تسهيل عملية التواصل بين الشباب وإزالة الفوارق الحضارية (الدبيسي والطاهات، 1434هــ، ص66).
وفي هذا الصدد لخص بوشليبي (1427هـ، ص143) حديّ شبکات التواصل الاجتماعي، الأول أن هذه المواقع فرصة للبشرية لتبادل الاتصال والمعرفة والقضاء على عوائق الزمان والمکان فتزيد في تقارب الناس وترفع من درجة تفاعلهم وتنشئ علاقات اجتماعية جديدة، والحد الثاني أنها مصدر الخطر الحقيقي على العلاقات الاجتماعية، وتؤدي إلى ميلاد مجتمع يحمل عوامل القطيعة مع التقاليد الثقافية، کما تؤدي إلى العزلة وتفکک نسيج الحياة الاجتماعية .
وتشير الإحصائيات التي نشرتها قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب (1436هـ، ص 8- 12) إلى أن مستخدمي شبکات التواصل الاجتماعي النشيطون تتجاوز أعمارهم 15 عامًا، ويستخدمون وسيلة واحدة على الأقل من شبکات التواصل الاجتماعي، وأن (77٪)        من إجمالي المستخدمين في الشرق الأوسط تتراوح أعمارهم من (16 – 34) عاما، کما وصلت النسب المئوية لإجمالي مستخدمي الفيسبوک الذين تتراوح أعمارهم من (15 – 29) عاما إلى (67٪)
ومن خلال ما سبق ومتابعة الباحثة الميدانية لشبکات التواصل الاجتماعي استشعرت بوجود تأثير وتأثر بين وسائل التواصل الاجتماعي والهوية الثقافية للمجتمع، وبالرغم من تعدد الدراسات التي تناولت شبکات التواصل الاجتماعي إلا أن تلک الدراسات لم تتطرق لبعد الهوية الثقافية ، لذا يأتي البحث الحالي لمعرفة واقع دور شبکات التواصل الاجتماعي فى التأثير على الهوية الثقافية لدى طالبات المرحلة الثانوية بمدينة الرياض بالمملکة العربية السعودية .