تقدم المجتمعات الإنسانية المعاصرة وقدرتها على معالجة المشکلات العامة المصاحبة للتطور السريع المعقد رهن بمدى قدرة تلک المجتمعات على تصور المستقبل والاستعداد له والتخطيط للقائه، ومن الضروري تطوير نظامنا التعليمي من خلال نظرة مستقبلية تراعي کل الأبعاد المحلية والعالمية، أسوة بکل المجتمعات التي تتحرک وتتقدم ولا تتجمد، وتضع لها قدماً ثابتة مؤثرة في تطوير البشرية. (صلاح الدين عرفة محمود، 2016، ص12).
ويؤدي التعليم دوراً أساسياً في مساعدة الافراد على مواجهة المشکلات التي تتعلق بالتنمية بطريقة فعالة مجدية، ويجب أن يواجه الافراد ببراعة تلک المشکلات، إذا کانوا يريدون أن يحققوا منزلة رفيعة للحياة دون أن يؤثر ذلک على نحو سلبي في خير ورفاهية الأجيال التالية . (ناتالي باربوزا، 2000، ص85).
ولعل مقولة التنمية أمست اليوم محوراً مشترکاً لمعظم العلوم الإنسانية وتطبيقاتها، وقد عرف إعلان "الحق في التنمية" الذي أقرته الأمم المتحدة في العام 1986م عملية التنمية بأنها "عملية متکاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية السکان وکل الأفراد، والتي يمکن عن طريقها إعمال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. (مأمون أحمد محمد النور، 2015، ص57).
والتعليم باعتباره يمثل مستقبل المجتمع، يرتبط برؤية معينة للتعليم وأبعاده؛ تؤدي إلى سعي المجتمع وأفراده إلى بناء المجتمع المتعلم المشارک بفعالية في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع، دون التوقف عند حدود النمو الاقتصادي أو الاستثمار أو حتى الأمن القومي من جانب المجتمع، أو عند حدود الشهادة أو الوظيفة أو النمو المهني من جانب الأفراد، فالتعليم هو الحياة بکل أبعادها، وهو المستقبل (محمد صبري الحوت وناهد عدلي، 2007، ص12) بحيث يمتد أثر التنمية إلى المستقبل في جميع نواحي الحياة سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية مما يؤدي إلى تطور وتقدم المجتمع فتصبح تنمية شاملة ومستدامة.
فالتعليم يسعى إلى تهيئة الخبرات التعليمية لممارسة الطلاب فرص الاختيارات والبدائل، والسيطرة على الوسائل اللازمة لحل المشکلات والقدرة على اتخاذ القرار وکذلک ممارسة المهارات اللازمة لتنظيم العمل المجتمعي والرغبة في حل الصراعات بالطرق السليمة، من خلال علمية المشارکة في صنع القرار، وکل ذلک يؤدي إلى إعدادا المواطن الفعال الذي يؤمن بأهمية دوره في الحياة وفي تحقيق التنمية المستدامة . (محمد صديق محمد حسن، 2009، ص74).
والتنمية المستدامة رؤية جديدة للمستقبل، تعمل على تحقيق المساواة، وتخفف من حدة الفقر، وتعزز العدالة والديمقراطية، وتتبنى استراتيجيات تنموية يستفيد منها کل طبقات المجتمع. (جوستا فولوبيز أوسبينا، 2000، ص38).
وقد شهدت العقود الأخيرة اهتماماً متزايداً بالجودة والاعتماد في المؤسسات الجامعية، باعتبار التعليم الجامعي عصب التنمية الشاملة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأحد مجالات تحقيق الميزة التنافسية بين الدول المتقدمة والطامحة في مزيد من التقدم، بعد أن أصبح التعليم من أهم مجالات الاستثمار التي يستهدف أهم ثروات المجتمع وهي الثروة البشرية. (عقيل محمود رفاعي، 2010م، ص 1207).
والاعتماد Accreditation هو نشاط مؤسسي علمي موجه نحو النهوض والارتقاء بمستوى مؤسسات التعليم الجامعي والبرامج الدراسية الجامعية وهو أداة فعالة ومؤثرة لضمان جودة العملية التعليمية ومخرجاتها واستمرارية تطويرها (أحمد إبراهيم أحمد، 2013، ص 28) .
والجودة أحد الأساليب المهمة لتحسين نوعية التعليم الجامعي والارتقاء بمستوى أدائه في العصر الحالي ومواجهة التحديات المعاصرة ، ودليل على بقاء المؤسسة الجامعية، مما يؤکد أهمية معايير الاعتماد في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع وتوفير التحسين المستمر للمؤسسات التعليمية وذلک من خلال ربط التعليم بحاجات البلاد التنموية والتوسع في التعليم وتجويده وربطه بنظام الجودة وسوق العمل بشکل مباشر ومن خلال الحرص على تدريب الطلبة في مواقع العمل وإشراک القطاع الخاص الصناعي والتجاري والمالي في بلورة رؤية مشترکة لنوعية المناهج والمهارات والتخصصات التي يحتاجها السوق.
فالمعايير تتيح الفرصة أمام المجتمع لمواکبة المستحدثات العالمية ومسايرة التغيرات الدولية والمحلية والتکيف معها.