في ظل عالم سريع التغير، يتسم بزيادة حجم المعلومات والمعارف، يقاس فيه تقدم الأمم بحجم إنتاج المعرفة واستخدامها، وبتطويع إمکانات أفرادها کل حسب قدراته وميوله؛ ذلک يتطلب معلماً على وعي ودراية بإعداد وتکوين طالب متميز يواکب التغير والتقدم العلمي المتسارع، معلماً يؤدي دوره وفق حاجات ومتطلبات طلابه مرتکزاً على مهارات تدريس تتسم بالتميز والإبداع.
وتواجه منظومة التعليم تحديات کبيرة في ظل العولمة والاتصالات والطفرة التکنولوجية المعاصرة، وما أفرزته من مواقف ومشکلات ترکت انعکاساتها على الأنظمة التربوية التي أضحى لزاماً عليها أن تُعد الإنسان ليعيش في القرن الحادي والعشرين، ويواجه مستقبلاً مليئاً بالتحديات والمحاذير، ويتکيف مع متطلبات هذا القرن بإيجابياته وسلبياته.(جامعة الدول العربية، ص7، 2009م)
ولما کان المعلم أبرز عناصر المنظومة التعليمية، وهو الذي يعلم النشء ويکونهم باعتبارهم الثروة البشرية المستقبلية للأمة، کان من الضروري التعرف على مستوى أدائه والعمل على رفع مستواه في ضوء معايير محددة حيث أن الارتقاء بأداء المعلم وتنميته مهنياً أصبح مسألة حيوية لتطوير التعليم وتحقيق شروط النهضة.
إن الحاجة إلى تحقيق التميز في العملية التعليمية قد اصبحت أمراً ضرورياً إذا ما أردنا جودة التعليم، وذلک يتطلب تمتع المعلم بمهارات التدريس التي تسهم في تحقيق ذلک، ومن أهمها التدريس المتمايز.
ويقوم المبدأ الرئيس للتدريس المتمايز على أن التعلم لجميع الطلاب بغض النظر عن مستوى مهاراتهم أو خلفياتهم، ويفترض أن کل غرفة صف تحوي طلاباً مختلفين في قدراتهم الأکاديمية، وشخصياتهم، وأنماط تعلمهم، واهتماماتهم، وتجاربهم، ومستوى الدافعية للتعلم لديهم. (محمد القرني، رابط3)
ويضيف کل منLevy, Holli M. Clearing House. 2008)) أن المتعلمين يدخلون الفصول الدراسية بقدرات مختلفة، وعلى المعلمين استخدام استراتيجيات التدريس المتباينة لتلبية احتياجات جميع المتعلمين ومساعدتهم للوصول إلى المعايير المطلوبة، ويتم ذلک من خلال ممايزة الأهداف، والمحتوى، ووسائل التقويم المستخدمة، وتقديم فرصاً متنوعة لکي يختار المتعلمون ما يناسبهم للوصول بهم إلى أقصى حد ممکن من التعلم.
ويرى أيضاً أن هناک طلاباً يقرأون ويکتبون جيداً أعلى من مستوى زملائهم؛ في الصف فلا نقيدهم على حدود المناهج والمعايير حتى يمکنهم الذهاب إلى أبعد من ذلک، وفي المقابل الطلاب الذين هم أقل بکثير من مستوى الصف فإنهم يحتاجون کمية صغيرة من المحتوى کي يناسب تعلمهم.
وتُعد الفروق الفردية ظاهرة عامة موجودة لدى جميع الکائنات الحية، وأن أفراد النوع الواحد يختلفون في قدراتهم على التعلم وحل المشکلات، کما يختلفون في انفعالاتهم، ومستويات النشاط العام ودوافع سلوکهم، حتى أن الفروق موجودة بين الأطفال الذين ينشأون في بيئة أسرية واحدة، حيث تتمايز مواهبهم وعاداتهم مع النمو في مراحل العمر المختلفة.(أحمد الزعبي، ص217، 2007م)
ويأتي التلاميذ من بيئات مختلفة ويختلف کل تلميذ عن الآخر في التحصيل والاستيعاب والتوافق لذا يترتب على المعلم تکييف مادة التعلم وطرائق التدريس بما يتناسب وقدرات تلاميذه وخلفياتهم الثقافية والاجتماعية، وأن يضع أنشطة صفية ولا صفية تتناسب واختلاف التلاميذ وقدراتهم العقلية والتحصيلية، ويستخدم طرق واستراتيجيات تدريس متنوعة ومناسبة.
وبناءً عليه نحن في حاجة إلى تدريس متمايز يسمح بالتنوع في المحتوى دون إغفال المنهج الذي يحق لجميع التلاميذ؛ أي أننا في حاجة لمعالجة الأنشطة التي تقدم للتلاميذ وتنويع الاستراتيجيات والطرق وممايزة البيئة الصفية فالطلاب جميعاً لا يتعلمون بنفس الطريقة.
ومع التقدم التقني الهائل وارتباط المتعلمين بوسائل التکنولوجيا المختلفة واستخدامها في جميع مجالات حياتهم سواء داخل المدرسة أم خارجها للحصول على المعلومات، مما خلق نوعاً من التفاوت في الخلفية المعرفية للطلاب، بالإضافة لاختلاف الاهتمامات، والقدرات، والدوافع؛ مما يدعو المعلم إلى محاولة مواجهة الفروق والوصول بالتلاميذ إلى أقصى حد ممکن من التعلم، وذلک يتطلب تقديم تدريس متمايز يعتمد على ضرورة قيام المعلم بمعرفة خصائص وقدرات کل طالب على حده، وعلى قدرة المعلم على معرفة استراتيجيات ملائمة لتدريس کل تلميذ فليس هناک طريقة واحدة للتدريس.
ويُعد المعلم عنصراً أساسياً ومهماً في العملية التعليمية، وتلعب الخصائص المعرفية والانفعالية التي يتميز بها، وکذلک المهارات التدريسية التي يمتلکها دوراً بارزاً في جودة وفعالية العملية التعليمية باعتبارها تشکل أحد المدخلات التربوية المهمة التي تؤثر بشکل أو بآخر في الناتج التحصيلي على کل المستويات، والمعلم الناجح هو ذلک المعلم القادر على أداء دوره بکل فعالية واقتدار، وهو المعلم الذي يکرس جهوده في سبيل إيجاد فرص تعليمية أکثر ملائمة لطلابه.(طارق عامر، وربيع محمد، ص5، 2008م)
ومعلم اللغة العربية له دور کبير في تحقيق جودة التعليم؛ فهو المحور الرئيس الذي يسهم في تنمية مهارات اللغة لدى التلاميذ التي هي أساس للفهم والاستيعاب ليس في اللغة العربية فقط وإنما في بقية المواد الدراسية.