شهد العالم خلال السنوات القليلة الماضية اعتباراً من تسعينيات القرن الماضي عدداً من المتغيرات الأساسية، التي طالت مختلف جوانب الحياة المعاصرة، ومست کافة المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في دول العالم على اختلاف درجاتها في التقدم والنمو، وقد ترتب على تلک المتغيرات نشأة ظاهرة العولمة ،حيث أصبحت العولمة المهيمن الرئيسي على الاقتصاد العالمي بصوره کبيرة على الساحة العالمية ، حيث کان لتنفيذ أليات السوق اثر کبير علي مختلف مجالات النشاط البشري ، بما في ذلک التعليم العالي, کما اکتسبت قضية تدويل التعليم العالي زخما جديدا في الآونة الأخيرة بسبب ظهور تبعات العولمة.
فلقد أدي تطور العولمة، وظهور مجتمع واقتصاد المعرفة إلى تغييرات مؤسسية عميقة في أنظمة التعليم الجامعي، سواء من حيث النطاق أو التنوع، کالتغير في الاتجاهات والثقافات الإدارية والاستراتيجيات ودور الدولة ، ولقد دقع التنافس المتنامي حول المواهب والموارد، على المستويين: الوطني والدولي، فضلا عن ظهور تصنيفات دولية ووطنية للجودة والاعتماد، بمؤسسات التعليم الجامعي إلى التحرک لتحديد أولويات السياسات والممارسات التي تساعدها على الارتفاع في التصنيف العالمي لأفضل الجامعات(عبدالحافظ, 2016)، وبالتالي أصبح التدويل في العديد من المؤسسات يشکل اليوم جزءا لا يتجزأ من استراتيجية تعزيز المکانة والقدرة التنافسية والإيرادات على المستوى العالمي.
وذلک من منطلق إيمانها بأنتدويلالتعليمالجامعييعدعمليةيتممنخلالهاتقويةوتشجيعالهويةالقومية,والحفاظعلىالثقافةالقوميةوتشجيعهافيمقابلاحتراموتقديرالتنوعالثقافي کما أنتضمينالبعدالدولييعدأحدأهدافالتعليمالجامعيالمعاصرة, وأحدالسماتالتي تحددمکانةالتعليمالجامعيوأدائهعلىالمستوياتالمحليةوالإقليميةوالدولية ( خاطر , 2010)
واتساقا مع القول السابق يؤکد العنزي والدويش ان تدويل التعليم يعد على درجة من الأهمية في عالم سريع التغير، بوصفه وسيلة لتحسين الجودة، ومدخلا لتحقيق التنافسية. وأصبحت معظم الجامعات في أنحاء العالم في الآونة الأخيرة ترکز بشکل متزايد على الجهود في هذا المجال(العنزي, الدويش ,2015) وکانت الجامعات الکورية الجنوبية واليابانية من أوائل الدول التي ادرکت أهمية قضية تدويل التعليم العالي والجامعي بها .
حيث کانت اليابان أول دوله شرقيه تبدا في تنفيذ تدويل التعليم العالي , کما حذت کوريا الجنوبية حذو اليابان في قضية تدويل التعليم العالي بل وفاقتها في بعض الفترات لإدراکها بأهمية تلک القضية
وکنتيجة لعدد من الخطط والبرامج التي عمدت اليها الحکومة اليابانية فقد شهدت الجامعات اليابانية زيادة سريعة في عدد الطلاب الأجانب على أراضيها وأصبحت اليابان واحدة من أکبر دول في هذا الصدد، وکان معظم الطلاب من الدول الأسيوية المجاورة لليابان حيث کان اکثر من 90%. وکان الهدف الرئيسي من وراء تدويل التعليم العالي باليابان نشر العلوم والتکنولوجيا اليابانية المتقدمة باعتبار اليابان نموذجا ناجحاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية(Krechetnikov, Shoinkhorova, 2016) ..
کما اتخذت الحکومة الکورية خلال السنوات الأخيرة من القرن العشرين مجموعه کامله من التدابير والإجراءات التي تتعلق بتدويل التعليم العالي بکوريا الجنوبية , حيث أعيد توجيه العديد من الکليات الکورية بهدف الانتقال إلى مستوي دولي ,بما في ذلک تدريس اللغة الإنجليزية وجميع أنواع المعاملة التفضيلية للطلبة الأجانب ، مثل السکن المجاني ، والمنح الدراسية ، ودورات لاجتياز الاختبارات ، وتخفيض تکاليف الدراسة بها ، وهي اقل بکثير بالمقارنة مع تلک المعروضة في بلدان أخرى بل وعلي الصعيد المحلي ، کما تقدم بعض الجامعات في الوقت الحالي خصومات للطلاب الأجانب تصل إلى 50 في المائة بهدف صناعة ونمو نوع جديد من الخدمات التعليمية وهي إمکانية توفير التعليم باللغة الأصلية للطلاب الأجانب حيث يتم حاليا فتح مجالات للدراسة بالجامعات الکورية باللغات الأصلية فيوجد التعليم بالصينية واليابانية والفرنسية ، الخ(Krechetnikov, Shoinkhorova, 2016) ..
ومن کل ما سبق تنطلق فکرة الدراسة الحالية في دراسة تدويل التعليم العالي بکوريا الجنوبية واليابان باعتبارهما من النماذج الأکثر نجاحا وتفوقا في قضية تدويل التعليم العالي , حتى يتثنى الاستفادة من خبرتهما في تدويل التعليم العالي بالجامعات المصرية.