يسعى المجتمع المصري إلي تحقيق التنمية الاقتصادية بخطى حثيثة نظرًا للتغيرات المتلاحقة بسوق العمل في مصر ومنها التقدم التکنولوجي وتزايد أعداد العاطلين من المتعلمين والخريجين في عالم سريع التغير والتطور لذا يجب إعدادهم لکي يساهموا في التنمية الاقتصادية بشکل فعال ويساعدوا على بناء الاقتصاد القائم على المعرفة في المجتمع.
وأصبح العمل الحر من أهم القوى الدافعة للتنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية بالمجتمع نظرًا لأنه يساهم بشکل کبير في حل مشکلة البطالة وإيجاد فرص عمل للموهوبين والمبدعين في مجال ريادة الأعمال من الطلاب والخريجين من التعليم مما يدفع عجلة الاقتصاد المصري بشکل کبير ، ولقد أصبح العمل الحر يؤدي إلى وجود اقتصاد مستقل غير تابع وهو الاقتصاد القائم على الإنتاج من قبل المواطنين وهو في الصعود المستمر في العالم في الآونة الأخيرة ، ولکنه يتطلب مناخ تسوده الحرية والمرونة والروح الريادية لدى الأفراد لتکوين قادة الاقتصاد في المجتمع في الوقت الحالي". (Gandini, A., 2016, 137)، ومن ثم أصبح من الضروري نشر وتنمية ثقافة العمل الحر لدى الأفراد بالمجتمع خاصة المتعلمين منهم حتى يکونوا قادرين على اقتحام مجال العمل الحر بعد تخرجهم مباشرة ويوجد اهتمام عالمي بتعليم ريادة الأعمال ونشر ثقافة العمل الحر بالدول المختلفة وفي هذا الصدد يصدر تقرير عالمي عن ذلک يوضح مدى اهتمام الدول المختلفة بريادة الأعمال ونشر ثقافة العمل الحر لدى أفرادها.
ويقوم التعليم بالدور الکبير في نشر وتنمية ثقافة العمل الحر لدى طلابه بشکل علمي ، فعلى مستوى التعليم الجامعي جاءت عدة دراسات اهتمت بتوجيه الطلاب للعمل الريادي والحر منها دراسة فاطمة على (2008)، ودراسة عصام إبراهيم (2015)، ودراسة أسامة الطاحوس (2017)، ودراسة خلف البحيري (2017)، ودراسة هانم سليم (2017) ، ودراسة هشام العربي (2017).
أما دراسة عزة الحسيني (2015)، فقد تناولت بالدراسة تعليم ريادة الأعمال بالمدرسة الثانوية في کل من فنلندا والنرويج وإمکانية الإفادة منها في مصر، وأما دراسة محمود أبو سيف (2016) فقد درست استراتيجيات التربية لريادة الأعمال بعدة دول لدى الاتحاد الأوربي وجنوب أفريقيا في التعليم قبل الجامعي وإمکانية الاستفادة منها في التربية لرياة الأعمال بالتعليم قبل الجامعي المصري.
أما على مستوى التعليم الفني فقد جاءت عدة دراسات في مجال ثقافة العمل الحر منها دراسة سرية عبد الرحيم (2009)، وهي دراسة لاتجاهات طالبات التعليم الصناعي نحو العمل الحر – دراسة مطبقة على مدرسة 15 مايو الثانوية الصناعية بنات ، ودراسة أحمد مهناوي (2014) ودرست دور التعليم الثانوي الفني المزدوج (مبارک کول) في إکساب طلابه ثقافة ريادة الأعمال لمواجهة مشکلة البطالة في مصر.
ومن الدراسات الأجنبية التي أوصت بأهمية وضرورة نشر ثقافة العمل الحر لدى الطلاب بالمدارس وتعليمهم کيفية ممارسة العمل الحر والريادي بالمدارس عدة دراسات بدول مختلفة منها دراسة ( phelps,E.,2007) حيث حثت على ضرورة إکساب الطلاب ثقافة العمل الحر وريادة الأعمال لحل مشکلة البطالة في المجتمع وبصفة خاصة إکسابهم القيم اللازمة لذلک قيم الحرية وتحمل المسؤولية و غيرها من القيم.
ودراسة (Jensent,T.,2014) التي توصلت إلى أن للمدارس دور کبير في تعليم الطلاب کيفية ممارسة الأعمال الحرة خاصة الأعمال الحرة الاجتماعية التي تخدم المجتمع وذلک يتم تدريسها من خلال العلوم الانسانية ويتم تدريب الطلاب عليها باشتراکهم في مشروعات عمل اجتماعية جماعية حتى يکتسبوا المعارف والمهارات اللازمة لممارستها .
وأشارت دراسة (Hobikoglu,E.&Sanli,B.,2015) إلى أن تعليم الطلاب ريادة وممارسة العمل الحر في التعليم الترکي ورعاية الإبداع والابتکار وتنميته لدى الطلاب ، بالاضافة لتعليمهم التکنولوجيا الحديثة اللازمة لممارسة العمل الحر فإن ذلک سوف يؤدي إلى حدوث تأثير إيجابي مباشر على سياسات ممارسة الأعمال الحرة بالمجتمع وتحقيق النمو الاقتصادي.
ودراسة (Hussain,I.&Sajjad.S.,2016) أيضا أوضحت أن إکساب الطلاب الخريجين مهارات کيفية ريادة الأعمال وعلى رأسها کيفية تنظيم المشاريع التي تنمي رأس المال البشري فإنها تساعدهم على التدريب على ممارسة ذلک في المستقبل وتزرع لدى الخريجين الطموحات والنوايا لإنشاء أعمالهم الحرة في المستقبل.
وأکدت دراسة (Afolabi,M.etal.,2017) على أن تعليم وتدريب الطلاب على ريادة العمل الحر في التعليم النيجيري يؤدي إلى زيادة مبادرات التوظف الذاتي وإنشاء أعمال حرة , وتوصي الدراسة بضرورة أن يتم تدريب الطلاب على المشروعات المختلفة خارج المدرسة لتتيح لهم فرصة التعرف على کيفية تنظيم المشروعات المختلفة وإدارتها في المستقبل ، وأوصت بتقديم جوائز للطلاب الذين يقيمون مشاريع واقعية متميزة وتقديم الرعاية لهم مما يدفع عملية التوظف الذاتي بين الخريجين في المستقبل.
ويتضح من تلک الدراسات أهمية قيام التعليم بدوره في نشر ثقافة العمل الحر لدى طلابه والدراسة الحالية ترى أن التعليم الفني هو من أهم أنواع التعليم التي يجب أن تقوم بنشر وتنمية ثقافة العمل الحر لدى طلابه ، لأنه يتم التحاق أعداد کبيرة بهذا النوع من التعليم وارتفاع معدلات البطالة بين خريجيه خاصة التعليم الفني نظام الثلاث سنوات منه حيث تمثل أعداد العاطلين من خريجيه نسبة 47.6% من إجمالي العاطلين في مصر. (الجهاز المرکزي للتعبئة العامة الإحصاء ، 2018).
وبالتالي جاءت الدراسة الحالية لتدرس واقع تنمية ثقافة العمل الحر لدى طلاب التعليم الفني نظام الثلاث سنوات وأهم المتطلبات اللازمة لذلک ومن ثم وضع خطة استراتيجية مقترحة لتنمية ثقافة العمل الحر لدى طلاب التعليم الفني في مصر.