يأخذ التفکير في المستقبل في هذا العصر حيزاً کبيراً من اهتمام الناس ، ويحمل من الخوف والتردد أکثر ما يحمل من البشائر والآمال . وإذا کانت أبعاد الزمان الثلاثة تُعَدُ کائناً موضوعياً واحداً ، يتواصل فيه الماضي والمستقبل عبر ديناميکية الحاضر ، فأصبح الإعداد للمستقبل هدفاً استراتيجياً للتربية الحديثة .
ويتحدد جزء کبير من المستقبل بما يُفعل ويخطط له اليوم ، وذلک لأن المستقبليات لم تعد تصور عن نبوءات ، وإنما عبر تخطيط لتحويل المستقبل المرغوب فيه إلى مستقبل ممکن التحقيق ( عبد العزيز کامل ، 1987 ، 7 ) . (*)
ويرجع تاريخ الاهتمام بالمستقبل إلى المعرفة الشاملة بالکون واستکشاف غوامضه وأسراره ، وفي مقدمتها الزمن ، والصورة المختلفة للمستقبل تتوقف إلى حد بعيد على القرارات التي تتخذ في الحاضر, ولذلک فإن محاولة استقراء آثارها التراکمية في الأجل الطويل تساعد في ترشيد القرارات الحالية ؛ ابتغاء الاقتراب من أفضل البدائل التي يمکن أن تتاح في المستقبل ( خالد محمد أبو شعيرة ، 2010، 9) .
وبدأت التربية ترکز على أهمية المستقبل ودراسته ، وضرورة تقديمه بصورة تلائم تغيرات المستقبل ويأتي التوجيه الحکيم "بأن نربي أبناءنا تربية واعية لأنهم مخلوقون لزمان غير زماننا" مؤشرًا واضحًا على حتمية أن تتجه نحو المستقبل في أساليبها وطرقها وأدواتها ومحتواها, وأن تسعي إلى رسم الصورة المستقبلية التي يسير عليها الأبناء. (Flack,2008,10-13)
حيث تعد التربية المستقبلية أحد المستحدثات التربوية ، فهي تعمل علي صناعة إنسان الغد ، الذي يستطيع التعامل مع المتغيرات المتوقعة في المستقبل ، وتساعد في بناء أجيال تتميز بالإبداع في جميع مجالات الحياة. ( مصطفي محمد فهيم ، ٢٠٠7، 72 ) .
وقد أکدت دراسة کل من الزکي وفيله أن دراسة المستقبل لا ينبغي أن تکون مجرد رياضة عقلية بل هي "عمل علمي يهدف إلى تيسير عملية صناعة المستقبل وتجسيد الآمال والطموحات وتجنب المشکلات والمخاطر والکوارث التي تهدد المجتمعات ؛ بل والإنسانية جميعًا، وتهدف إلى مساعدة صانع القرار علي التخطيط للمستقبل". ( أحمد عبد الفتاح الزکي ، فاروق عبده فليه ، 2003 ، 12 )
وعلى الرغم من الجهود العديدة التي بُذلت لرسم ملامح المستقبل وتضمين مهارات استشراف المستقبل بالمناهج الدراسية ووضع رؤية مستقبلية لطبيعة المناهج الدراسية إلا أن هذه الجهود جاءت فى أغلبها غير مؤثرة على الإطلاق وهذا ما أکدته الدراسات والبحوث السابقة ومنها : دراسة (أشرف عبد الرحمن علي ،2004) ، ( محمود أحمد موسي ،2010) ، (شيماء حامد ندا ،2010 ) ، (Lisa.Bodell,2014) ، (عقيلي محمد أحمد ، 2017 ) .
(*) نمط التوثيق : اسم المؤلف ، سنة النشر ، رقم الصفحة .