أدت التغيرات واتجاهات التطوير التي سادت الفکر التربوي المعاصر خلال السنوات الأخيرة، إلى إحداث نقلة نوعية في الفکر التربوي الحديث ومفاهيم التربية، مما أدى إلى إعادة النظر في دور مؤسسات التنمية المهنية، ومقوماتها المادية والبشرية في الوقت الحاضر.
وتلقى مؤسسات التنمية المهنية في العديد من دول العالم اهتماماً کبيراً، انطلاقا من دورها في تقديم برامج التنمية المهنية للمعلمين والعاملين في مجال التعليم، خاصة بعد انتشار مفاهيم التعليم المستمر، والتعلم مدى الحياة. (Bristow& Patrick, 2014,7)
لذا تعد التنمية المهنية للعاملين في مجال التربية والتعليم عاملاً مهماً، ومدخلاً أساسياً من مدخلات المنظومة التعليمية لتحسين الأداء بها، ورفع الکفاءة المهنية للعاملين على مختلف المستويات الوظيفية، وطبيعة أدوارهم القيادية والتعليمية، خاصة بعد تزايد مشکلات التعليم التي ترتب عليها ضعف کفاءة مخرجاته، وعدم المواءمة بينها وبين احتياجات خطط التنمية (خليل، 2015، 40).
وإذا کانت التنمية المهنية - في الوقت الحالي- تشکل ضرورة ملحة لجميع المهن والوظائف، فهي أکثر إلحاحاً وأشد حاجة في قطاع التعليم والتربية ؛ لما يواجهه المعلم في عمله من متغيرات متعددة لا يمکنه مواکبتها إلا بالتزود بالخبرات التي تؤهله لذلک ، فالتنمية المهنية أصبحت جانباً مکملاً لمرحلة الإعداد الأولى للمعلم، حتى أن المعلمين شأنهم شأن غالبية أرباب المهن الأخرى أصبحوا مضطرين إلى الاعتراف بأن إعدادهم الأولى لن يکفيهم لبقية حياتهم، بل عليهم تحديث وتنمية معارفهم ومهاراتهم، أما غياب التنمية المهنية للمعلمين وباقي أعضاء هيئة التعليم فهو بداية تراجع للفکر وانحراف المجتمع عن جدية التقدم والتطوير، بل والاعتماد على المجتمعات المتقدمة الأخرى في کافة متطلبات الحياة والخضوع لإرادتها ومطالبها (عمر، 2013، 60).
لذا لن تنتهي الدعوات إلى الاهتمام بعناصر العملية التعليمية والتي على رأسها المعلم؛ إيماناً بأهمية هذه العناصر وضرورة رعايتها لإنجاح قطاع التعليم الذي ينعکس نجاحه على قطاعات عديدة بالمجتمع، وقد کان إنشاء الأکاديمية المهنية للمعلمين استجابة لهذه الدعوات؛ بهدف الاهتمام والتطوير لهذا القطاع الحيوي، والتي تم إنشائها لتکون مسئولة عن عدة مهام وأهداف من شأنها النهوض بأحوال المعلمين وباقي أعضاء هيئة التعليم، ومعاونتهم على تحقيق أهداف العملية التعليمية بأعلى کفاءة ممکنة، ولتکون المعين والمرشد للمعلم في العديد من الأمور التي يحتاج فيها لمشورة أصحاب الخبرات التربوية.