للغة دور مهم في حياة المجتمعات فهي أداة التفاهم والتواصل بين الأفراد ؛ فمن خلالها يتبادل الناس الآراء ويعبرون عن المشاعر والأحاسيس , ويطالبون بحاجاتهم ويناقشون متطلباتهم , ويقفون على أغراضهم ومآربهم .
واللغة العربية هي الرکن الأساسي في بناء الأمة العربية ؛ فهي أساس لتکوين الشعور بالولاء عند کل أبنائها، وفي الحفاظ عليها حفاظ على الهوية العربية ، کما تمتاز بين لغات العالم بثرواتها الفکرية والأدبية ، وحضارتها التي وصلت الإنسانية بحديثها ، ورابطتها التي لا تنفصم بکتاب مقدس ، ودين يزيد معتنقوه عن خمس سکان العالم . (فتحى يونس , 2006 ، 115)
وللغة العربية فنون أربعة هي ؛ القراءة والکتابة والاستماع والتحدث ؛ حيث يمثل الاستماع والقراءة جانب الاستقبال , ويمثل التحدث والکتابة جانب الإرسال , ويشتمل کل من الجانبين على التفکير الذى يعد الفن اللغوي الخامس . ( عبد الفتاح البجة ، 1999 , 281 )
وللاستماع أهمية کبيرة في حياتنا حيث أولى القرآن الکريم هذه المهارة ما تستحقه من أهمية ؛ بتقديمها على البصر ، حيث قال تعالى : "وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَکَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ کُلُّ أُولَئِکَ کَانَ عَنْهُ مَسْؤْولاْ "( الإسراء : 36 )
وحاسة السّمع لدى الإنسان ترتبط بتعلم الکلام , وهي حاسة مهمة لتطوير المدرکات العقلية والفکرية ونموها ، فضلًا عن الحصول على المعلومات ؛ ولذلک إذا فقد الطفل حاسة السمع بعد الولادة فقد معها القدرة على نطق الکلام . (هبة القصير وآخرون , 2017, 141)
ويشير جيو وويلز Guo and Wills (2006,3) إلى أن الاستماع يؤدى دورًا مهمًا في التواصل اليومي بين الناس , حيث يمثل الوسيلة التي يحصلون من خلالها على نسبة کبيرة من تعلمهم ، ومعلوماتهم ، وفهمهم للعالم والشؤون الإنسانية ، ومثلهم العليا ، وشعورهم بالقيم .
وقد کان هناک اعتقاد راسخ بأن الاستماع ينمو لدى الإنسان بطريقة تلقائية مادام له أذنان ، فهو کالمشي والکلام ، وهذا القياس خطأ ؛ فالطفل في حاجة إلى من يعلمه الکلام رغم أن له فمًا ، وبحاجة إلى من يدربه على المشي رغم أن له رجلين . ( على مدکور، 1997 , 74)
ولفترة طويلة لم يلق الاستماع اعترافًا کافيًا کفن لغوي له مهارات مستقلة ، بل کان يعتبر مهارة سلبية، وقدرة ذاتية تتطور بدون مساعدة , وهو ما يمثل أمرًا مجحفًا لمهارات الاستماع ؛ حيث نجد أن الإنسان يقضي أکثر من 40% من وقت الاتصال اليومي في الاستماع بينما يستغرق 35% من وقت الاتصال في التحدث ، ويکرس نحو 16 % من ذلک الوقت في القراءة وأخيرًا 9% فقط من جملة وقت الاتصال اليومي يقضيه في الکتابة. (Osada , 2004, 53)