يميل الفرد للعيش في جماعة يؤثر فيها ويتأثر بها وينتمي إليها ويشعر معها بالأمن (عادل عبد الله ،2007 ، 17) , واحتکاک الفرد بأقرانه يمنحه التقدير والاحترام وهى من الحاجات الاجتماعية الضرورية ، وتحتل الصداقة الترتيب الثالث في هرم ماسلو للحاجات الإنسانية Maslow's Hierarchy of Needs (مدحت أبو النصر ,2012 ,88) , وتعد العلاقات الاجتماعية الجيدة ذات أهمية کبيرة خاصة للأطفال لأن تأثيرهم على بعض له مميزاته وفوائده في تشکيل حياتهم الاجتماعية وإشباع حاجاتهم النفسية مما يساعدهم على النمو النفسي والاجتماعي فالطفل المحروم من صحبة أطفال آخرين طفل معزول يعيش في غربة ويشعر بالضيق والملل الذى ينتاب حياته (عادل العدل ،2013 ،3).
وذوي الاحتياجات الذهنية الخاصة من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة التي لا تعترف بالحدود الاجتماعية ، ولذلک اعتبرت واحدة من أهم المجالات التي تهتم بها الدراسات النفسية ، خاصة وأن النسب المتزايدة لذوى الاحتياجات الذهنية الخاصة تتطلب المزيد من الدراسات التي تخدم أطفال هذه الفئة . فالأطفال ذوى الاحتياجات الذهنية الخاصة القابلين للتعلم يشکلون مشکلة للمجتمع المحيط بهم من آباء وزملاء ومدرسين لما يظهرونه من مشکلات سلوکية تؤثر على تکيفهم الاجتماعي وتفاعلهم مع الآخرين( فادى جريج ، 2013 ، 145 ) ، وتعمل تلک المشکلات على التقليل من إفادتهم من البرامج الدراسية المقدمة لهم . کما ويظهر ذوى الإعاقة الذهنية القابلين للتعلم سلوکيات عدم القدرة على المواجهة والمتمثلة فى الانسحاب الاجتماعي ، والقصور فى استخدام السلوکيات الاجتماعية المقبولة للتواصل مع الآخرين ، کما أنهم يعانون من النبذ والإهمال الاجتماعي بصفة خاصة فى مدارس الدمج ، لذا فهم بحاجة أشد للتدريب على مهارات الصداقة بشکل يوفر لهم فرص الاتصال بالآخرين والتکيف مع المعايير الاجتماعية فى المحيط الاجتماعى الذى يوجدون فيه .
وفى ظل التشريعات الحالية التي تنادى بعدم إقصاء أي طفل عن النظام التعليمي والسعي إلى تحقيق أکبر درجة من النمو للطلاب ذوى الاحتياجات الخاصة (عبد الرقيب أحمد البحيري ،2014 ) ازداد معها الاهتمام بهم وتجلى هذا الاهتمام بالمناداة بوضعهم في بيئات أقل عزلاً ومدمجة مع العاديين ( محمد محروس الشناوى ،1996, 22) ، مما زاد من أعداد ذوى الاحتياجات الذهنية الخاصة الذين يتم تعليمهم في فصول التعليم العام ، وترجع هذه الزيادة إلى عاملين متصلين بالإصلاح والتطوير الذي يشهده مجال التربية الخاصة ؛ الأول : خاص بمبادرة التعليم النظامي Regular Education ، والثاني : خاص بالدمج الشامل Full Inclusion (عبد الرقيب أحمد البحيرى ،2005 ، 18).
ويوفر الأصدقاء في بيئة الدمج للأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة بصفة عامة وذوى الاحتياجات الذهنية الخاصة بشکل خاص الدعم الانفعالي الضروري ، حيث أوضحت نتائج دراسة Tracey (2008) التي هدفت إلى معرفة أثر الدمج على تحسين الصداقة لدى الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة أن الأطفال الذين يملکون عدد أکبر من الأصدقاء کانوا أکثر توافقاً ونجاحاً في المدرسة أکثر من الأطفال الذين يملکون صديق واحد ، والأطفال الذين يملکون صديق واحد أکثر نجاحاً من الأطفال مفتقري الأصدقاء ، وأن الأطفال الذين حافظوا على صداقاتهم وکانت مستقرة کانوا أفضل فى التوافق المدرسي وأکثر قدرة على التعامل مع الضغوط المدرسية وأکثر إيجابية فى المواقف المدرسية على مدار العام الدراسي ، وتکوين الصداقات بين العاديين وذوى الاحتياجات الذهنية الخاصة ممکن ، ولکن ينبغي أن يتم تيسير ذلک من قبل الکبار خاصة ، ويتسق ذلک مع ما أوضحته الدراسات ذات الصلة کدراسة James (2005) ، وMokhtari (2008) ، وTipton (2011) ، و Suzuki (2014)، وHawaa (2016) بأهمية دور الآباء في تحسين مستوى الصداقة لأبنائهم ذوى الاحتياجات الخاصة ومساهمة ذلک في القضاء على الصعوبات الاجتماعية التي يعانون منها مثل امتلاکهم عدد قليل من الأصدقاء أو عدم وجود أصدقاء نهائياً وصعوبة الاحتفاظ بعلاقات الصداقة لديهم .
ويترتب على تعثر التواصل بالإضافة إلى المشکلات السلوکية للأطفال ذوى الاحتياجات الذهنية الخاصة الأمر الذى جعل من إقامة الصداقات أمراً غير ميسور بالإضافة إلى القيود البيئية على هؤلاء الأطفال أو عدم ملائمة المناهج الدراسية ووجود اختلافات سلوکية بينهم وبين أقرانهم العاديين مما ترتب عليه فى النهاية شعور هؤلاء الأطفال بالعزلة الاجتماعية داخل أنظمة الدمج ، والمستقرئ لما سبق يتضح معاناة ذوى الاحتياجات الذهنية الخاصة القابلين للتعلم من قصور مهاراتهم الاجتماعية بصفة عامة ومهارات تکوين الصداقة بصفة خاصة ، وندرة المقاييس والأدوات المقننة لتشخيص مهارات الصداقة لديهم، وهذا ما حدا بالباحثين إلى بناء مقياس لمهارات الصداقة لذوى الاحتياجات الذهنية الخاصة القابلين للتعلم المدمجين فى مدارس التعليم العام والتحقق من کفاءته السيکومترية وهذا ما قد يتضح ويتبلور من خلال مشکلة الدراسة.