103884

تقويم مناهج القراءة للمرحلة الثانوية في الجمهورية اليمنية

Article

Last updated: 04 Jan 2025

Subjects

-

Tags

مناهج وطرق تدريس تخصصات (اللغة العربية – الإنجليزية - الفرنسية- الرياض…بية الفنية -الاقتصاد المنزلي- التعليم الصناعي - التاريخ - الجغرافيا))

Abstract

أولاً- المقدمة :
يکتسب تعليم القراءة أهمية بالغة في العملية التعليمية فهو مفتاح المعرفة وأداة التعلم الحقيقي ، وأهم الوسائل التي تنقل ثمرات العقل البشري ، التي عرفها عالم الصفحة المطبوعة ، ولعظم أهمية القراءة ، فقد حظيت بنصيب کبير من الدراسة والبحث ، وما يؤکد أهميتها أن الله سبحانه وتعالى جعلها فاتحة الرسالة الاسلامية ، فقد أجمع المفسرون على أن الآيات الخمس الأولى من سورة العلق هي أول ما أنزل من القرآن الکريم ، وتتضمن هذه الآيات الإشارة إلى القراءة و دورها في العلم والمعرفة . 
والقراءة لها أهميتها داخل المدرسة وخارجها في توسع خبرات المتعلمين ،وعن طريقها يتمکن الطلاب من التحصيل العلمي ، وحل الکثير من المشکلات التي تواجههم في حياتهم العملية ، وعن طريقها ينطلق الفرد في التعليم المستمر الذي أضحى ضرورة لمواکبة             التطور العلمي والفني وللتکيف الشخصي  للمتغيرات السريعة والمستحدثات العصرية .                      ( حسانين: 1990،ص73) .
ومند الوحدة اليمنية لم يشهد تعليم القراءة في اليمن تطوراً ملحوظاً ، بسبب الصعوبات التي واجهها النظام التعليمي الموحد من جراء اختلاف النظامين التعليمين السابقين ، واللذان کانا يعانيان بوجه عام من النواقص والثغرات في مناهجه .
   إن المتأمل في مناهج القراءة يشهد تفاوتا  کبيرا ، بل انفصالاً واضحاً بين عناصر المنهج سواء في تحديد الأهداف أو في اختيار المحتوى أو في أساليب التقويم ، بالإضافة إلى الموضوعات الدراسية التي يغلب عليها الطابع النظري ، وعدم مواکبتها للعصر والتطورات العلمية ، فهي مشدودة إلى الماضي ، وضعف صلتها بواقع الحياة ، ومتطلبات نمو المتعلم ، وليس لها قيمة وظيفية لحاجاته وحاجات المجتمع ، وهذه الخبرات الضحلة من الموضوعات ، لا تنمي مهارات التفکير ، کالتحليل والنقد ، أما أسلوب حل المشکلات فشيء لا تعرفه هذه المناهج ، فکل هذا الضعف  وجوانب القصور والمشکلات  التي تعاني منها مناهج القراءة يعود في تقديرنا إلى تأثيرات الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي المتخلف ولعل أهم المشکلات التي واجهت المناهج يمکن تحديدها في الآتي :
1-افتقار المناهج الدراسية إلى فلسفة تربوية واضحة ومحددة : وهي من الأسس الهامة لبناء المناهج ، فالمنهج يتأثر بنمط الفلسفة أو الاتجاه التربوي الذي يحکم التربية ، بصرف              النظر عن طبيعة هذه الفلسفة رأسمالية ، اشتراکية ، علمانية ، اسلامية والخ ، .                (عبدالحليم : 1988، ص98)  ذلک أن المنهاج يهدف إلى جعل المتعلم يتکيف مع مجتمعه ، وعليه أن يعکس صورة تلک الفلسفة أو الاتجاه التربوي الذي تتبناه الدولة في مجموعة من الأهداف على شکل معارف ، ومهارات ، واتجاهات وقيم لدى المتعلمين . والحقيقة أن هذه الفلسفة غير واضحة في مناهجنا ، وغيابها يعني غياب أهداف المناهج و النظام التربوي بشکل عام.
2-عشوائية وتطوير المناهج بعد الوحدة اليمنية دون تخطيط ورؤية واضحة :
بعد الوحدة اليمنية أصدرت القرارات وشکلت لجان توحيد و تطوير المناهج  ، من الباحثين في مرکز البحوث والتطوير التربوي ، وجامعتي صنعاء وعدن ، وقطاع المناهج والتوجيه الفني في الوزارة ، والمؤسسة العامة للکتاب المدرسي، وکانت الباحثة عضوة في هذه اللجان ، ولکن في الحقيقة لم تکن العملية عملية تطوير للمناهج، بل کانت عملية دمج وتوحيد لمناهج الشطرين جنوب اليمن و شمال اليمن ، وحتى عملية التوحيد والدمج لم تکن وفق خطة واضحة ولم تتم في ضوء  إطار مرجعي واضح للأهداف ، بل کانت عملية دمج عشوائية ، اقتصرت على التشديب  والتنقيح والحذف لکل ما يتعلق بالتشطير من رموز وأشکال کانت ترتبط باسم الدولة والشعار، والمساحة والحدود والسکان ، والتقسيم الاداري ونظام الحکم وکل ما يتعلق بالدولتين السابقتين الجمهورية العربية اليمنية ، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ، وإجراء التعديلات الضرورية التي افتضاها السياق السياسي والتربوي الجديد بعد الوحدة اليمنية .
3- تعدد الجهات التي قامت بتطوير المناهج : وهذا أحدث تأثيرات وانعکاسات سلبية في البنية التنظيمية والمعرفية للمناهج ، ومن هذه الجهات شرکة "إنما" الخارجية  تحت مسمى Education Development Center مشروع تطوير التعليم ( E , D, C) .و على الرغم من الأخطاء والسلبيات التي برزت في کتب الصفوف الأولى لمرحلة التعليم الأساسي إلا أن الشرکة المنفذة استأنفت عملها في مناهج الصفوف العليا بمنهجها وأسلوبها السابق دون إطار مرجعي وطني ، فرضت نفسها بموجب العقد الموقعة عليه مع وزارة التربية والتعليم إلى أن انتهى عقد الشرکة عام 2000م .( مقبل: 2006، ص108) و بعد انتهاء عقد الشرکة ،انتقلت مهمة تطوير المناهج إلى جهة أخرى و هي مرکز البحوث والتطوير التربوي في صنعاء" ليستأنف هو الآخر ما تبقى من کتب المرحلة الأساسية لصفوف                    (7-9) وکتب المرحلة الثانوية من (1-3)، دون معرفة معظم المؤلفين للخبرات التعليمية السابقة التي بنيت عليها کتب الصفوف (1-6) ودون مراعاة للمنهجية العلمية المنظمة منطقياً للمادة العلمية ، ثم سحبت المناهج من مرکز البحوث و التطوير التربوي إلى جهة ثالثة وهو " قطاع الامتحانان والاشراف التربوي" ، ليستکمل هو الآخر عملية إعدادها                وتطويرها، تم سحبها دون الشعور بالمسؤولية العلمية والأخلاقية تجاه الأجيال  إن هذه التغيرات العشوائية المستمرة للمناهج في الجانب التنظيمي والقيادي في وزارة التربية والتعليم ، انعکست سلباً في المحتوى الاکاديمي والتربوي للمناهج الدراسية ، مما أدى إلى حصولنا على خبرات تعليمية مفککة متبعثرة، ومخرجات تعليمية ضحلة ، مخرجات حافظة وليست فاهمة ،نتيجة لضعف الصلة بين المناهج والأهداف التربوية  الخاصة بکل مرحلة من مراحل التعليم العام .حيث اقتصر الترکيز على سرد الحقائق والمعارف بهدف حفظها واسترجاعها عند الامتحان ، وعدم الاهتمام بالمهارات العقلية العليا خاصة في المرحلة الثانوية مثل ، التحليل ، والنقد البناء ، والتجريب ، والربط بين الأسباب - والنتائج ، وحل المشکلات بمنهجية علمية ، بالإضافة إلى غياب الجوانب التطبيقية التي تعمل على تنمية مهارات التعلم الذاتي والتعلم مدى الحياة .
إن مناهجنا تعاني من النواقص والثغرات بشکل عام، ومناهج القراءة في المرحلة الثانوية بشکل خاص ،فهي غير منظمة في مهاراتها القرائية في  تتابع مرحلي ، بحيث يتزايد تعقيد المهارات القرائية والخبرات التعليمية وصعوبتها بانتقال التلميذ من صف دراسي إلى صف دراسي أعلى وهذا التعقيد يجب أن يتناغم مع القدرات العقلية ، فتدرس في کل صف مهارات ومعارف أکثر ترکيباً و أدق تحليلاً وأکثر عمقاً واتساعاً من الصف الذي سبقه، بالإضافة إلى عدم تنظيمها وترابطها منهجياً بمناهج المرحلة الأساسية بحيث تحقق الاستمرارية و تراکمية التعليم ، کما نلاحظ أن مناهج اللغة العربية للمرحلة الأساسية قامت على المنهج والطريقة               التکاملية للمادة الدراسية ، بينما مناهج المرحلة الثانوية لاتزال تعيش التجزئة والتفريع           حيث تدرس مادة اللغة العربية من خلال فروع قد تزيد وقد تنقص باختلاف الفصول           الدراسية، ولکل من هذه الفروع أهداف، ومحتوى، وکتاب، وحصة دراسية، ولکل فرع أسلوب لتدريسه وتقويمه .
أن الخبرة اللغوية المقدمة للطلاب في المرحلة الثانوية ، خبرة مفتتة متناثرة الأجزاء على نحو يوحي للمتعلم بأن کل فرع من فروع اللغة العربية يعتبر مادة دراسية مستقلة ، والحقيقة أن اللغة العربية ليست على هذا النحو من التمزق والانفصال بين عناصرها، وليس الهدف من تعليمها إغراق طلاب المرحلة الثانوية في ثنايا علومها المختلفة من نحو ، وصرف، و وبلاغة، وأدب ، وقراءة، وغيرها وحفظ قواعدها، بل الهدف من تعليمها مساعدة الطلاب على ممارسة اللغة في مواقف التواصل اليومي، استماعاً، وتحدثاً، و قراءة، وکتابة .
أن تعليم القراءة في إطار المنهج التکاملي يوفر للطالب فرصة  فهم قراءة الدرس                 والاستماع للمقروء ، وممارسة الأداء اللغوي في مواقف طبيعية ، والتدريب عليه . أما المناهج الحالية تعاني من الضعف و تفتقر إلى الفعاليات المصاحبة لها والانشطة العملية التطبيقية في مجال القراءة وممارسة الأداء اللغوي ، وليس لها قيمة وظيفية لحاجات المتعلم .
وهناک دراسات وبحوث محلية تؤکد هذا التدني في مناهجنا مثل:  دراسة                        (  الکوري ،1994) التي تناولت تقويم کتب الأدب والنصوص للصف الثالث الثانوي، ودراسة            ( العزعزي ، 2005 ) التي تناولت تقويم منهج البلاغة للصف الأول الثانوي ، ودراسة                     ( مروان شکلية، 2018) التي تناولت تقويم کتاب القراءة للصف الثاني الثانوي ، ودراسة        (يوسف ،2006) التي تناولت تقويم کتب اللغة العربية في ضوء الجودة الشاملة ، ودراسة               ( الحسني،2002) التي تناولت تقويم کتاب القراءة للصف التاسع من مرحلة التعليم الأساسي، رسالة ماجستير ، جامعة صنعاء.
وتؤکد الباحثة ذلک الواقع المرير بحکم معايشتها لواقع تدريس القراءة في المرحلة الثانوية ، والجامعة والتعامل المباشر مع المعلمين، والمشرفين والطلاب والکتب الدراسية، ومن خلال هذا الواقع ظهر عدم الاهتمام بالمهارات القرائية مثل :  الفهم ، والنقد، وتحليل المقروء، وتقويمه أما أسلوب حل المشکلات هذا شيء لا تکاد تعرفه مدارسنا ،  إلى جانب عدم الاهتمام بحصص القراءة الجهرية ، أو تدريب الطالب على الاستماع للمقروء ، ولم تتجاوز القراءة الجهرية الثلاثية (قم-أقرأ-أجلس) بالإضافة إلى الکم الهائل من الموضوعات والحشو بالتفاصيل، فضلا عن قلة کتب تعليمها. أما الأداء اللغوي الذي يتمثل في قدرة المتعلم على معالجة اللغة إنتاجاً و تلقياً من خلال إنشائه الرسائل اللغوية و ترميزها للتعبير عن نفسه في مواقف التواصل الاجتماعي فهذا مفقود في مدارسنا .
إن الحاجة باتت ملحة لتطوير المناهج  ،نتيجة لجملة من المتغيرات والتحديات وفي مقدمتها الانفجار المعرفي الهائل في کافة المجالات ، والثورة التکنولوجية ،  المعلوماتية ، والمزاوجة بين العلم والعمل ، والنظرية والتطبيق ، وسطوة وسائل الاعلام التي جعلت العالم کأنه قرية صغيرة ، کل هذه التطورات تشکل تحدياً کبيراً أمام النظام التربوي بشکل عام والمناهج الدراسية بشکل خاص ، لذلک لا نستطيع أن نتجاهل کل ذلک ، وندير التعليم على أساس الاحتياجات والمتغيرات الداخلية ، فالخصائص العصر أهمية کبرى في بناء المناهج وتطورها، فالأمر يتطلب إعادة صياغة مناهجنا بما يتواکب مع التطورات العالمية ، ويرتبط بحاجات مجتمعنا وتطلعاته المستقبلية  ، وهذا لا يمکن تحقيقه إلا بإصلاح وتطوير المناهج  برمتها، وفق منظور ورؤية نابعة من فلسفة تربوية محددة وواضحة .
يضاف إلى کل ما سبق أن المناهج في کل دول العالم تخضع لعمليات تقويم مستمرة تستهدف تطويرها في محاولة لسدّ الثغرات القائمة ، لمسايرة التغيرات السريعة في الرکائز التي يستند إليها المنهج  بمکوناته الأساسية ، ويمکن القول أن المنهج الذي لا يتم تقويمه ثم  تطويره سوف ينظر إليه بعد حين على أنه منهج متخلف . ( اللقاني: 1981 ، ص306) .
يتضح مما سبق أن هناک حاجة ماسة إلى القيام بدراسة علمية تهدف إلى تقويم مناهج القراءة في المرحلة الثانوية في الجمهورية اليمنية ، لإصدار حکم يتضمن بيان جوانب القوة،               وجوانب الضعف فيه، بغية تأکيد جوانب القوة ومعالجة جوانب الضعف، ويتم الحکم في ضوء معيار يتم بناءه بطريقة علمية، ويعدّ التقويم المنشود في هذا البحث خطوة أساسية لتطوير مناهج القراءة في هذه المرحلة .

DOI

10.21608/mfes.2019.103884

Authors

First Name

نصرة

Last Name

عبدالله الخضر الحســني

MiddleName

-

Affiliation

الأستاذ .المشارک . للمناهج وطرائق التدريس في کلية التربية جامعة /عــدن

Email

-

City

-

Orcid

-

Volume

35

Article Issue

5

Related Issue

15765

Issue Date

2019-05-01

Receive Date

2019-07-19

Publish Date

2019-05-01

Page Start

481

Page End

520

Print ISSN

1110-2292

Online ISSN

2536-961X

Link

https://mfes.journals.ekb.eg/article_103884.html

Detail API

https://mfes.journals.ekb.eg/service?article_code=103884

Order

12

Type

المقالة الأصلية

Type Code

1,355

Publication Type

Journal

Publication Title

مجلة کلية التربية (أسيوط)

Publication Link

https://mfes.journals.ekb.eg/

MainTitle

تقويم مناهج القراءة للمرحلة الثانوية في الجمهورية اليمنية

Details

Type

Article

Created At

23 Jan 2023