Subjects
-Abstract
إن من سنن الکون التبدّل والتغير والتجديد، يرافقها عادةً سلوکٌ بإنسانيّ يتّبع الحديث ويعظّمه ويترک القديم ويهمّشه، مواکبةً للحاضر وزهدًا في الماضِ. لکن الحاذق ذي البصيرة، يدرک أن حاضره إنما هو امتدادٌ لماضيه، وسبيل يوصله لمستقبله، فيسعى لتعظيم عظماء تاريخه، وقراءة سيرهم و الاستشهاد بإنجازاتهم والفخر بصنائعهم. خاصة إذا ما کان ذو تاريخ عريق، وحضارة تصدرت أمهات کتب التاريخ شرقاً وغربًا کحضارة الدولة الإسلامية. حضارة تمتاز بصحة السند وضبط الرواية. منشأها خالق الأکوان، وقائدها المصطفى المختار، سيّد المرسلين، خير البريّة أجمعين، وأوائل متبعيها خير البشرية، أعظم العظماء بعد الأنبياء.
ولا يخفى على ذي لبيبة، أن تصدّر الحضارة الإسلامية لحضارات العالم حين ازدهارها لم يکن سوى نجاح نابع من عمق اليقين والإيمان في صدور الصحابة، وتطبيقهم لمبادئ الشريعة الإسلامية التي سمت بهم سموّا أوصلهم عنان السماء، ونثر انجازاتهم عليها نثر النجوم، مستمرة التوهّج، حقيقية الوجود، جليّة للعيان رغم المسافات.
ومن حسنات العلم الحديث، أن جاء مفهوم التأصيل للبحث في أصول العلوم الإنسانية عبر التاريخ. فنظريات الإدارة الحديثة وأساليبها لا تعدو عن کونها صوراً حديثة لممارسات وسلوکيات بشرية عبر التاريخ. فالحديث عن مبدأ الجودة –على سبيل المثال- وممارساته يعود بنا إلى خمسينيات القرن الماضي حين تجاذبت أمريکا و اليابان هذا المفهوم المعاصر ووضعوا له النظريات. لکنّ تأصيل الجودة يأخذنا إلى ما قبل ذلک بکثير؛ ففي قانون حامورابي –الحضارة البابلية في العراق- مسلة تشتمل على ٢٨٢ قانوناً أتى في مقدمتها ما أولى للجودة والإتقان في العمل أهمية خاصة. (الفلکاوي، ٢٠١٥). "حيث يلزم من يقدم سلعاً غير جيدة أو ناقصة القيمة أن يقوم بإصلاح العيب. کما نصّت أحد قوانين المسلة (إذا کان بنّاءً قد بني بيتًا لرجل ولم يحسن عمله، بحيث انهار البيت الذي بناه و سبب في موت صاحبه فسوف يقتل ذلک البنّاء)." (بوکميش، ٢٠١١،ص٢٥)
ومن هنا نرى أن انشغال المؤسسات التربوية في تطبيق مفهوم الجودة والعمل على تطويرها وفق متطلبات العصر الحديث، واعتبارها أمراً مستحدثًا يتطلب تغيير يبدأ بالدوافع وينتهي بالأدوار الإدارية قد أُهمل معه النظر إلى الجانب الشرعي الأصيل الداعي لإتقان العمل وتجويده، قال سبحانه في محکم کتابه ﴿صُنعَ الله الذي أتقنَ کلَّ شيء إنهُ خبيرٌ بما تفعلُون﴾ (النمل:٨٨) وجاءت السنّة النبوية لتؤکد على هذا الأمر، فروي عن رسول الله ﷺ قوله (إن الله تعالى يحبُّ إذا عمل أحدکم عملاً أن يتقنه) (البيهقي،١٤١٣).
DOI
10.21608/mfes.2020.103550
Authors
Last Name
بنت محمد الخويطر
MiddleName
-Email
-City
-Orcid
-Link
https://mfes.journals.ekb.eg/article_103550.html
Detail API
https://mfes.journals.ekb.eg/service?article_code=103550
Publication Title
مجلة کلية التربية (أسيوط)
Publication Link
https://mfes.journals.ekb.eg/
MainTitle
تأصيل مبدأ إدارة الجودة الشاملة ورقة بحثية