يعد التفکير المحرک والموجه الاساسي لجهد وعمل الانسان، ومن خلاله يستطيع الفرد إيجاد حلول مناسبة للمشکلات التي يواجهها في الحياة مما يدفعه للبحث دوما عن طرق وأساليب جديدة ، لتجاوز الصعوبات والعقبات التي يحتمل ظهورها في المستقبل مما يتيح فرصة للتقدم والرقي، وبالنظر للعصر الذي نعيش فيه نجد أنه لا يحتاج إلى متعلمين تقليديين بل إلى مفکرين يتميزون بمهارات تفکير عليا تتلاءم مع طبيعة عصر الإبداع والتکنولوجيا والتغيرات السريعة في کافة المجالات، ولذلک لم يعد هدف العملية التربوية إکساب الطلاب معلومات وحقائق ومفاهيم وملء عقولهم بها، بل إلى تنمية قدراتهم على التفکير السليم وتعليم الطالب کيف يتعلم، وکيف يفکر.                                                                  
وتذکر(سناء سليمان، 2011، 277) أن التربية بمعناها التقليدي والمتمحور حول ثقافة التلقين والحفظ والتذکر والتي کانت قادرة على مقابلة احتياجات المجتمع في فترات سابقة، لم تعد لها هذه القدرة الآن في مواجهة الاحتياجات المتجددة والمتزايدة لمجتمع اليوم السريع المتغير، ولم تعد المعلومات تمثل أهمية في عصرنا الحاضر إلا بقدر إعمال الفکر فيها واستخلاص الجديد والمفيد منها، وبناء عليه فإنه على تعليمنا ألا يتوقف في أهدافه عند توسيع مدارک المتعلم وزيادة معلوماته، وإنما ينبغي أن تطور هذه الأهداف لتشمل تنشيط عقل المتعلم واستثارة ذهنه وتحفيز تفکيره ليعايش ظروف عصره ويستوعب متغيراته.                                                               
      ويعد التفکير التحليلي أحد أهم أنواع التفکير التي بدأ الاهتمام بها في الآونة الأخيرة، حيث تذکر(جميلة الوائلي، 2008، 9) أن التفکير التحليلي يهدف لبناء جيل مفکر، وإنشاء مجتمع متماسک، يتصف أبناؤه بالإدراک والوعي، والوضوح في التفکير، کما تذکر(ليلى حسام الدين، 2011، 162) أن التفکير التحليلي من أهم مهارات التفکير التي يکتسبها الفرد بالتدريب والممارسة، فهو يمثل إحدى العمليات العقلية العليا التي يشتمل عليها التنظيم العقلي والمعرفي، وهو نشاط عقلي کامن لا يمکن ملاحظته مباشرة ولکن يستدل عليه من أثره.                                                                     
والتفکير التحليلي يمثل إحدى المراحل أو الخطوات الأساسية المتصلة بعدد من عمليات التفکير الأکثر تعقيدًا منه مثل: التفکير التنسيقي، والتفکير الناقد، واتخاذ القرار، والتفکير العملي، والحل الإبداعي للمشکلات، والتفکير المعرفي (أيمن عامر، 2007، 15).                                                                                                                  
ونظرا لأهمية التفکير التحليلي فقد تعددت الدراسات التي تناولت تنمية مهاراته مثل دراسة ناهد محمد درويش (2018)،  دراسة هناء حلمي عبد الحميد(2018) في علم الاجتماع ، دراسة جمال حسن السيد (2017) في الجغرافيا السياسية.  ويتضح من الدراسات السابقة ندرة الراسات التي تناولت التفکير التحليلي في مقرر علم النفس للمرحلةالثانوية مما دفع الباحث الي السعي الي تنمية التفکير التحليلي من خلال هذا البحث.
ولأننا نسعى لبناء جيل مفکر ومبدع وقادر على مواجهة تحديات العصر فقد اهتمت الباحث بالذکاء الناجح إلى جانب مهارات التفکير التحليلي باعتباره من أهم السبل التي تعمل على توفير البدائل المناسبة للتکيف مع البيئة المحيطة وتحقيق النجاح في الحياة.                                                                                
والذکاء الناجح هوقدرة الفرد على التکيف مع البيئة والتعلم من الخبرة، وبذلک فإن الذکاء الناجح هو قدرة الفرد على تحقيق أهدافه في الحياة من خلال سياقة الاجتماعي والثقافي بواسطة تدعيم مواطن القوة وتصحيح مواطن الضعف لديه لکي يتکيف مع شکل البيئات المنتقاة من خلال مجموعة من القدرات التحليلية والإبداعية والعملية.( Sternberg ، 1997)                                                            
وهناک عديد من الدراسات التي أشارت إلى ضرورة تنمية الذکاء الناجح وأوصت البحث بتوجيه نظر القائمين على تطوير مناهج المواد الدراسية المختلفة بوضع السمات أو القدرات الثلاثة التي تتميز بها نظرية الذکاء الناجح کأحد أهداف التدريس، وأيضا توجيه نظر القائمين على إعداد وتدريب المعلمين في جميع المواد الدراسية بجميع المراحل التعليمية على إکسابهم القدرات التحليلية والإبداعية والعملية التي تقوم عليها نظرية الکاء الناجح،  منها دراسة ضرغام سامي الربيعي (2015) ، دراسة أحمد صلاح (2016) ، دراسة علي عبد الزهرة(2018) .                                  
ولکي نستطيع تنمية مهارات التفکير التحليلي والذکاء الناجح لدى طلاب المرحلة الثانوية لابد من الاستعانة ببعض نماذج التدريس والتي تجعل من المتعلم نشط وإيجابي في العملية التعليمية ولذلک يحاول الباحث معرفة فاعلية استخدام نموذج الفورمات کأحد نماذج التدريس الحديثة والتي تعمل على تنشيط عقل المتعلم وإثارة الذهن
نموذج الفورمات من النماذج الحديثة التي تعتمد على الدور الإيجابي للمتعلم وتساعد على تنمية أنماط التفکير لديه ومهاراته العليا ومنها التفکير التحليلي . فهذا النموذج يعمل على تنشيط خبرة المتعلم السابقة وإثارة اهتمامه للمعلومات الجديدة ودور المتعلم الربط بينها وفحصها جيدا وتحليليها وإيجاد علاقات بينها والتوسع في هذه العلاقات وفي الربط بين الأفکار واستکشافها ثم تجريبها وتوظيفها في أشکال أخرى (خالد اقيس، 2016 ) ، وهذا ما ينطوي عليه التفکير التحليلي والذکاء الناجح
فاللتفکير التحليلي نجد أنه يتطلب استدعاء المتطلبات السابقة ويسير وفق خطوات منظمة ومتتابعة تهدف بالمتعلم للوصول لحل للمشکلة وتعتقد الباحثة بأن خطوات نموذج الفورمات کفيلة لتنمية التفکير التحليلي ومهاراته لدى المتعلم کما أن الذکاء الناجح والذي يتشتمل على القدرات التحليلية والإبداعية والعملية وجميعها قدرات يمکن تنميتها عن طريق نموذج الفورمات الذي يسمح للمتعلم بتحليل الأفکار والتوسع وإعمال العقل فيها والاندماج ومحاولة الربط بينها وناتج ذلک کله هو الذکاء في توظيف هذه الخطوات لحل مشکلات جديدة ومواقف جديدة يوضع فيها المتعلم وهنا يظهر الذکاء الناجح بأنواعه(التحليلي والإبداعي والعملي) ونتيجة الثلاثة يستطيع الفرد القيام بعملية مواءمة بين المعلومات الموجودة عنده والأفکار والخبرات التي اکتسبها واستطاعته التغيير في بنيته المعرفية وفي الظروف المحيطة به أيضا والتکيف معها ولا يقتصر ذلک على الناحية العلمية فقط بل تتعدى ذلک لحياته الشخصية وربط ما تعلمه بالواقع وهکذا ومن خلال هذا البحث يسعى الباحث للتدريس للصف الثاني الثانوي وحدة العمليات المعرفية وفق نموذج الفورمات وما يشتمل عليه من خطوات ويعتقد أن ذلک سينمي لدى الطالبات التفکير التحليلي والذکاء الناجح.