تعد مهمة تحسين التعليم والتعلم من أولويات الکثير من الدول المتقدمة والنامية على حد السواء، وذلک لأن هذه العملية تسهم بشکل حقيقي في تحقيق أهداف هذه الدول وآمالها المستقبلية. ويعد المعلم من أهم العوامل التي تساعد على تحقيق النهضة التربوية المرجوة، والتي تؤدي إلى نهضة المجتمع في کافة الجوانب.
ويعد المعلم هو حجر الزاوية في النظام التعليمي، ولا يستطيع أحد أن ينکر أهمية الدور الذي يلعبه في تکوين الأجيال التي ينشئها وأثره في تطوير حاضر الأمة. وفي ظل عصر الانفجار العلمي والتکنولوجي والتطور السريع الذي نشهده، أصبح وجود المعلم الکفء حاجة ملحة (الأحمد،17:2005). ويشير (صادق،303:1999) إلى أن العملية التعليمية قد تتعثر في تحقيق أهدافها – بالرغم من توفر عناصرها الأساسية کالمناهج الدراسية، والميزانيات اللازمة، والأدوات والوسائل التعليمية- مالم يتوافر المعلم المؤهل والمدرب الذي يملک القدرة على توظيف تلک العناصر في المواقف التعليمية المختلفة.
وتعد المهارات الحياتية أحد المهارات الضرورية للفرد ليس فقط لإشباع حاجاته الأساسية ومواصلة البقاء ولکن من أجل استمرار التقدم وتطوير أساليب معايشة الحياة في المجتمع (عمران وآخرون،10:2001). وتکمن أهمية المهارات الحياتية من خلال مساعدة الفرد على إدارة حياته بطريقة ناجحة في مواجهة العديد من المسئوليات، کما تُمکّن الفرد من التفاعل الجيد مع أفراد مجتمعه، وتکوين فکرة إيجابية عن ذاته وعن الآخرين.
فالمهارات الحياتية ضرورة حتمية لجميع الأفراد في أي مجتمع، وهي من المتطلبات الأساسية التي يحتاج إليها الفرد لکي يتوافق مع نفسه ومع المجتمع الذي يعيش فيه، ويتعايش معه، حيث إنها تمکنه من التعامل الذکي مع المجتمع، وتساعده على مواجهة المشکلات اليومية، والتفاعل مع مواقف الحياة (عمران وآخرون،54:2001). لذا يجب أن نعمل على تزويد الفرد بالمهارات الحياتية حتى تکون له حياة أفضل في المستقبل (الحارثي،34:2010).
والمعلم باعتباره حجر الزاوية في العملية التعليمية يجب أن يکون مسلحاً بأهم المهارات الحياتية. فمثلاً: توصلت دراسة Nair et. al.(2010) إلى ضرورة توفير فرص للمعلمين لتحسين وتنمية المهارات الحياتية لديهم، وأن تکون البرامج التدريبية وورش العمل بمثابة جزء إلزامي من برامج إعداد المعلمين وتدريبهم أثناء الخدمة؛ وذلک لتزويدهم بالمهارات الحياتية اللازمة لإنجاز مهامهم بالشکل المطلوب مما قد يرتبط بأدائهم الوظيفي. ومن ثم فمن الأهمية بمکان دراسة المهارات الحياتية لدى المعلمين وتناول أهم المتغيرات المرتبطة بها أو المؤثرة عليها.
ومن ناحية أخرى, نشأ مفهوم الفاعلية الذاتية عن نظرية التعلم الاجتماعي التي قدمها Bandura وتطور لاحقاً إلى النظرية المعرفية الاجتماعية. وتعد الفاعلية الذاتية مکون حيوي للتغيير السلوکي، وتُعرف على أنها اقتناع الفرد بأنه يمکن أن ينفذ على نحو ناجح السلوکيات المطلوبة للحصول على نتيجة معينة (Warren, 2010:22)، کما ترتبط فاعلية الذات بما يعتقده الفرد حول إمکاناته في التعامل مع المثيرات البيئية، وهذا التعامل هو نوع من المهمات التي يجب على الفرد القيام بها إزاء تلک المثيرات البيئية (زهران، 35:2003).
ويستمر دور فاعلية الذات في التدريس والتعلم في إثارة اهتمام الباحثين والممارسين على حد سواء، حيث کانت فاعلية الذات لدى المعلمات خلال 25 عاماً الماضية بمثابة أحد أبرز الخصائص المرتبطة بالأداء التعليمي للمعلم في مجالات کاستراتيجيات إدارة الصف (Hanif,2006:6). کما کشفت دراسة Caprara et. al.(2006) عن وجود علاقة بين فاعلية المعلم ورضاه الوظيفي، فالمعلم الذي يمتلک قدرات تجعله قادراً على التحدي سيکون راضياً وظيفياً. کما وصف Tschannen et. al.(1998) التفاعل ما بين فاعلية الذات والأداء الوظيفي على أنه دائري. فالخبرات الإيجابية في التدريس تساعد على تحسين معتقدات المعلمين في قدراتهم. ويزيد ذلک بدوره من احتمالية حدوث خبرات أکثر إيجابية في المستقبل. کما تعمل الخبرات السلبية على تقليص معتقدات المعلمين في قدراتهم مما يترتب عليه احتمالية مرورهم بخبرات أکثر سلبية في المستقبل(Kopcha,2011:51)، ويذکر Fives et. al.(2007) بأنه عند وضع العلاقة ما بين الفاعلية الذاتية لدى المعلمين وأدائهم الوظيفي موضع الاعتبار فإن من بين النواتج المهمة لأي برنامج إعداد معلمين هو تخريج معلمين يتمتعون بإحساس قوي بالفاعلية.
وفي ضوء مراجعة الأبحاث والدراسات السابقة وجدت الباحثة اهتمام الباحثين بالمهارات الحياتية وفاعلية الذات والأداء الوظيفي في علاقتها مع عدد من المتغيرات النفسية والاجتماعية، إلا أن دراسة المهارات الحياتية وعلاقتها بفاعلية الذات المدرکة والأداء الوظيفي لدى المعلمات، لم تحظ بالاهتمام الکافي في البيئة العربية–في حدود علم الباحثة- من هنا جاءت فکرة الدراسة.