اهتم الباحثون في مجال التربية والتعليم بتطوير التعليم بما يتناسب مع الفروق الفردية للأفراد، وذلک لمواکبة التطور والتقدم في التربية، على سبيل التحديد توجه الاهتمام بتربية ذوي الإعاقة، والبحث عن الأساليب والاستراتيجيات التعليمية التي تساعدهم على تلقي التعليم، وفهم المعلومات، ومن ضمن هذه الفئات فئة صعوبات التعلم، وبعد اکتشاف أن تقديم الخدمات والاهتمام بذوي صعوبات التعلم ومراعاة الفروق الفردية بينهم، أدّى إلى تطور تقدمهم التعليمي، وتطور مفهوم الذات لديهم، مما جعل الباحثين والمهتمين بهذه الفئة يسعون إلى تقديم أساليب واستراتيجيات حديثة تساعدهم في تخطي صعوباتهم حسب صعوبات التعلم التي لديهم سواء کانت في القراءة أو الکتابة أو الحساب.
وفي بداية الثمانينيات من القرن العشرين ومع القبول المتزايد تدريجيًّا لمبادئ دمج التعليم، وحتى العقد الماضي، کان للتعليم المشترک مبرراته وأسبابه من حيث المعتقدات عن أفضل الطرق لضمان تفاعل الطلاب ذوي الصعوبات مع الأقران؛ لذلک زاد الاهتمام بالتعليم المشترک حاليًّا بدرجة کبيرة، والعامل الأساسي الأول الذي يسهم في هذا الاهتمام هو قانون عدم إهمال الطفل (NCLBA) لعام 2001، الذي يتضمن شروطًا تکفل تقديم المنهج العام لکل الطلاب، ومنهم الطلاب ذوو الصعوبات، وتعليمهم على أيدي معلمين أکْفَاء حاصلين على مؤهلات عليا، وأن يکونوا تحت مسؤولية متخصصين محترفين، ومحاسبتهم على نتائج التحصيل، والعامل الأساسي الثاني هو التشديد المتجدد والمتزايد على تعليم الطلاب في أقل البيئات تقيدًا طبقًا لأحدث إجازة لقانون تعليم الأفراد ذوي الصعوبات (IDEIA) لعام 2004، ويبدو أن التعليم المشترک وسيلة لتحقيق ما توقعه القانون، وفي الوقت نفسه يتلقى الطلاب الذين لديهم صعوبات تعلم وتقدم لهم مساعدات أخرى مثل تلقي التعليم في الصف .(Friend, Cook, Hurley, Chamberlain & Shamberger, 2010)
وقد اهتمت المملکة العربية السعودية متمثلة بالأمانة العامة للتربية الخاصة بوزارة التعليم على نشر وتعميم خدمات دمج الفئات الخاصة بمدارس التعليم العام لکافة المراحل التعليمية وفق خطط مدروسة، وعمل منظَّم (الموسى,1999)، ومن نتائج هذا الاهتمام شهدت برامج صعوبات التعلم تطورًا سريعًا، تم افتتاح برامج صعوبات التعلم في المرحلة المتوسطة والثانوية، مع اختلاف آلية العمل فيها عن المرحلة الابتدائية، حيث إنها ترکز على تطبيق التدريس التشارکي، والتعلم الاستراتيجي بشکل أساسي بجانب التدريس الفردي الذي يکون الاعتماد عليه کليًّا في المرحلة الابتدائية دون غيره (اليعيش، المشيقح، 2011).
ومع حدوث هذه التطورات بالمملکة العربية السعودية ظهر مفهوم التدريس التشارکي، وبدأت معه التساؤلات في المجال التعليمي العام، والخاص، عن مفهوم التدريس التشارکي، وکيفية تطبيقه، وهل تطبيق التدريس التشارکي سيخدم التربية الخاصة في جميع المراحل الدراسية، وما دوره في توجه المملکة العربية السعودية نحو التعليم الشامل.
لذلک يعتبر التدريس التشارکي من المواضيع الجديدة في العالم العربي بشکل عام، وفي المملکة العربية السعودية بشکل خاص، ومن الاستراتيجيات التي لم تجد اهتمامًا من الباحثين في العالم العربي، وبذلک نلاحظ قلة المراجع العربية، أو انعدامها في هذا الموضوع؛ لذلک جاءت أهمية إعداد مثل هذا الدليل؛ لإبراز مفهوم وطريقة تطبيق التدريس التشارکي، وإثراء المکتبة العربية بمرجع ودليل يخدم المجال، ويقدِّم معلومات شاملة للمختصين والمعلمين لتطبيق التدريس التشارکي.