کثيرا ما يجد المعلم نفسه أمام بعض الأطفال الذين يعانون من اضطرابات سلوکية وانفعالية تؤثر بشکل مباشر أو غير مباشر على مختلف جوانب حياتهم الدراسية، الاجتماعية والشخصية، ومن بين هذه الاضطرابات اضطراب قصور الانتباه وفرط النشاط ADHD، ومن المؤسف أن معظم الآباء لا يعرفون هذا الاضطراب، مما يؤدي إلى تأخر تشخيص هذه الحالات وعلاجها (بوکرمة، وبوجملين، 2012، ص13).
إن قصور الانتباه وفرط النشاط من المشاکل السلوکية المهمة التي تواجه الأطفال في المنزل أو المدرسة وتعوق التعليم في المستقبل فضلاً عن ظهور المشکلات السلوکية المتمثلة بکون الأطفال المضطربين يعدون أکثر عدوانية واندفاعية وتهور ولديهم اضطرابات في التفکير وعدم القدرة على الضبط الذاتي (المفتي، 2014، ص3).
کما أن هذا الاضطراب يعد من بين الاضطرابات الأکثر شيوعاً لدى الأطفال إذ يبلغ عدد المصابين بها حوالي 5 % من مجموع شعوب العالم، ويشکل وجود طفل مصاب بهذه الحالة مشکلة حقيقية للأهل وحتى الطفل المصاب يدرک أحيانا مشکلته ولکنه لا يستطيع السيطرة على تصرفاته، ونتيجة لذلک ينزعج ولي الأمر حينما يعلم أن طفله يثير المشکلات ويبدو وکأنه لا يستمع إلى أي تعليمات ولا ينفذها وأن أقرانه ينفرون منه ويتجاهلونه (السيد، 2015، ص487).
ويعاني الأطفال ذوي قصور الانتباه وفرط النشاط من نواحي عجز خاصة في مجال العلاقات مع الأقران؛ إذ تظهر البحوث العلمية المتاحة أن 50 % على أقل تقدير من هؤلاء الأطفال لديهم مشکلات في العلاقات مع الأقران، وتبدو هذه الصعوبات منتشرة نظراً لأنهم غالباً ما يکونوا محل بغض من زملائهم في غضون أيام أو حتى دقائق من أول لقاء بهم (King et al., 2009, p. 579-580). وعليه فإنهم يعاونون من مشکلات اجتماعية عميقة والتي غالباً ما تنتج عن رفضهم من قبل أقرانهم، کما أنهم يلجئون إلى حلول عدوانية للمواقف الاجتماعية مقارنةً بالأطفال العاديين، ويمکن أن يؤدي ذلک إلى سوء توافق اجتماعي لدى هؤلاء الأطفال يؤثر على مجالات مختلفة مثل علاقاتهم الاجتماعية ومهاراتهم الاجتماعية وتقديرهم لذاتهم بما يساهم في تعميق مشکلاتهم على نحو أکبر (Khalifa, 2014).
ولقد تعددت تفسيرات الباحثين للصعوبات الاجتماعية التي يواجهها الأطفال ذوي قصور الانتباه وفرط النشاط. فعلى سبيل المثال، أظهرت البحوث أن هؤلاء الأطفال لديهم جوانب قصور في المعرفة وکذلک في الأداء عند الانخراط في التفاعلات الاجتماعية؛ إذ يبدو هؤلاء الأطفال أقل قدر من المعرفة مقارنةً بأقرانهم العاديين بشأن السلوکيات الاجتماعية المناسبة وأقل احتمالاً للتصرف بطرق مناسبة اجتماعياً عند التفاعل مع الأقران. وفي ضوء هذه النتائج، فإنه من الممکن أن يساعد استخدام نموذج معالجة المعلومات الاجتماعية على فهم مدى الصعوبات الاجتماعية التي يواجهها الأطفال ذوي قصور الانتباه وفرط النشاط (King et al., 2009, p. 580).
يتضح مما سبق عرضه أن الأطفال ذوي قصور الانتباه وفرط النشاط يعانون من العديد من المشکلات السلوکية وخاصة الاجتماعية منها والتي ترتبط على نحو وثيق بخصائصهم. ويمکن أن يکون لهذه المشکلات تأثيرها السلبي على حياة هؤلاء الأطفال في مدرستهم ومجتمعهم. وعليه، فإنه من الضروري أن يتم اتخاذ الإجراءات التي من شأنها مساعدة هؤلاء الأطفال في التغلب على مشکلاتهم السلوکية. وتمثل الخطوة الأولى في ذلک في تحديد أهم الأسباب التي تقف وراء هذه المشکلات. إن خصائص الأطفال ذوي قصور الانتباه وفرط النشاط من قبيل: الاندفاعية والنشاط الحرکي الزائد وضعف الانتباه قد تؤثر على قدرتهم على المعالجة الناجحة للمعلومات الاجتماعية وربما يکون ذلک عاملاً مساهماً في ضعف مهاراتهم الاجتماعية. وعلى الرغم من شيوع نموذج معالجة المعلومات الاجتماعية واستخدامه في العديد من الدراسات إلا أنه لم يحظ بعد بالاهتمام الکافي مع الأطفال ذوي قصور الانتباه وفرط النشاط. وفي دولة الکويت وعلى حد علم الباحثة فإنه لم يسبق عمل دراسة ميدانية تستقصي تطبيق نموذج معالجة المعلومات الاجتماعية على هؤلاء الأطفال وهو ما يتم تناوله في الدراسة الحالية.