تؤکد النظريات التربوية الحديثة على أن التعلم يحدث من خلال مشارکة الآخرين , وأن تفاعل التلاميذ مع أقرانهم الأکثر معرفة يؤثر في طريقة تفکيرهم , وتفسيرهم للمواقف المختلفة , وهذه کلها أشکال متنوعة من الدعم التعليمي , وقد قدمت فکرة الدعامات التعليمية منذ عام 1950على يد عالم النفس الأمريکي " Jerome Bruner" عندما قدم مفهوم Scaffolding ليشير إلى عمليات تعليم الأطفال النطق والتحدث من خلال المساعدة والدعم من قبل الأباء .
ويعد Vygotsky أول من أشار إلى أهمية تقديم دعامات التعلم للمتعلمين في سياق اجتماعي ثقافي في نظريته البنائية الاجتماعية , على اعتبار أن التعلم هو محصلة التفاعلات الاجتماعية والثقافية التي تحدث بين المعلمين والمتعلمين أو أقرانهم الأکثر خبرة أو نضجاً منهم , فالنمو المعرفي وفقاً للنظرية لا يحدث إلا بالتفاعل بين المتعلمين أو أقرانهم الأکثر خبرة أونضجاً منهم , فالنمو المعرفي وفقاً للنظرية يحدث بالتفاعل بين المتعلمين وبين من هم أقدر منهم کالمعلمين والأقران المتفوقين الذين يعملون کموجهين يمدونهم بالتوجيهات والمساعدات , ومع مرور الوقت يتم السماح للمتعلمين بتقليل الاعتماد على المساعدات , ونقل المسئولية إليهم تدريجياً في التعلم حتى يتم الاعتماد على النفس والاستغناء عن تلک الدعامات . (محمد خلاف , 2016)
وتنشق من هذه النظرية عدة إستراتيجيات تعليمية تهتم ببناء المعرفة وخطوات اکتسابها, وتعد إستراتيجية السقالات التعليمية إحدى تلک الإستراتيجيات , وهي عبارة عن إجراءات تدعيمية يختارها المعلم بما يسمح للمتعلم بإنجاز مهمته بنجاح ؛ حيث يبدأ المعلم أولاً بتکوين فکرة عامة بما يعرفه التلميذ , ثم يبدأ في البناء عليه وتقديم الدعم والمساندة اللازمة لتقليل الفجوة بين متطلبات المهمة ومستوى المهارة لدى المتعلم .( Webster,2011,59))
ولهذا يمکن القول إن السقالات التعليمية هي ما يقوم به المعلم ويراه مناسباً لدعم المتعلم ؛ بحيث يکون قادراً على المضي في عملية التعلم بنفسه .
وقد ظهرت إستراتيجية السقالات التعليمية ؛ لتدعيم عملية التعلم لدى المتعلمين , ولهذا تسمى بالدعامات التعليمية , حيث يحاول المتعلم ببناء معرفته بنفسه أولاً ثم يبحث عن من ييسر له أو يدعمه في عملية التعلم من أجل حل مشکلة ما , أو القيام بنشاط , أو إشراکه في موقف تعليمي قصير ليعود المتعلم ليکمل تعلمه بنفسه , ولأنها ترکز على الدعم المؤقت ولذا سميت بالسقالات التعليمية .( غسان قطيط , 2013)
أي أن المتعلم لديه مستويان للنمو العقلي : مستوى توظيف العقل للتعلم من قبل الفرد نفسه , ومستوى توظيف العقل للتعلم بمساعدة الأخرين کالمعلم أو الزملاء المتفوقين .
وتأخذ السقالات التعليمية عدة أشکال کالتفاعل بين من هم أکثر خبرة(المعلم– الأقران) وتحديد حجم المساعدة المقدمة من البالغين أثناء تفاعلهم مع التلاميذ من خلال تشخيص مستوى فهمهم ومهاراتهم , وتقديم المساعدة في الوقت المناسب , وتقديم مساعدة متدرجة ومؤقتة من قبل الأکثر خبرة وذلک لتحويل المسئولية من الأکثر خبرة ( المعلم – الأقران ) إلى المتعلم . ( محمد حجازى, 2018) , (محمد خلاف , 2016)
مما سبق يمکن القول أن استخدام إستراتيجيات حديثة ومن بينها السقالات التعليمية يمکن أن تساعد على تنمية المفاهيم المتصلة بالوعي الانتخابي
وأضافت دراسة ( المرادني مختار وعزمي جاد , 2010, 256) والتي أکدت على ضرورة عبور الفجوة بين ما يعرفه المتعلم وما يسعى لمعرفته ؛ لتقليل التقليد المعرفي المتضمن في بعض مهام التعلم .
کما أن دراسة ( Shin ,2010,80)توصلت إلى استخدام السقالات التعليمية کإمتداد للنظرية البنائية وإحدى تطبيقاتها في أنها تقدم المساعدة الوقتية التي يحتاجها المتعلم وتوصلت إلى أنه يمکن اکتساب بعض المهارات والقدرات التي تمکنه وتؤهله أن يواصل بقية تعلمه منفرداً.
بينما دراسة (محمد حمادة , 2011, 163) وهدفت إلى بيان فاعلية استخدام السقالات التعليمية في تنمية التفکير التأملي وتوصلت الدراسة إلى أنه يمکن توفير مجموعة متنوعة من الأنشطة والمواد التعليمية التى تراعي إمکانيات وميول التلاميذ وتتوافق مع استعدادتهم وخلفيتهم المعرفية .
بالإضافة إلى دراسة ( مصطفى السحت , 2016, 28) والتي توصلت إلى التعرف على فعالية إستراتيجية السقالات التعليمية لتنمية مهارات ما وراء المعرفة وذلک من خلال تدريس الدراسات الاجتماعية
کما أن دراسة( حمادة عبدالجواد ,2013) والتى تناولت أثر استخدام استراتيجية السقالات التعليمية فى تدريس الدراسات الاجتماعية لتنمية المفاهيم التاريخية ومهارات التفکير الاستدلالي وتوصلت الدراسة إلي أن تنوع أشکال السقالات التعليمية ممايتيح الفرصة للمعلم للتعامل مع احتياجات کل تلميذ وخاصة عند تدريس التاريخ بمايساعد علي تنمية المفاهيم التاريخية ومهارات التفکير الاستدلالي .
دراسة (صلاح أبوزيد , 2014 ) والتي هدفت إلى مدى استخدام السقالات التعليمية ودمجها مع الخرائط الذهنية في تدريس الدراسات الاجتماعية؛ لتنمية المفاهيم الجغرافية والتي توصلت إلى هذا الدمج للإستراتيجيتان تساعد على التفاعل النشط بين التلاميذ في مناخ تعليمي اجتماعي تعمل على إيجاده بين التلاميذ بعضهم بعضا من جهة , وبينهم وبين معلميهم من جهة أخرى .
ومن بين هذه المهارات التي من الممکن تنميتها من خلال إستراتيجية السقالات التعليمية مفاهيم الوعي الانتخابي وخاصة أن عدم معرفة المفاهيم المتصلة بالوعي الانتخابي وغيابها عن المتعلمين يؤثر سلباً على فکر المتعلمين مستقبلاً وعدم مشارکتهم في إدارة العملية السياسية واختيار من يمثلونهم في الانتخابات من أجل خدمة المجتمع ولذا ينبغي الاهتمام بتنمية المفاهيم المتصلة بالوعي الانتخابي لدى المتعلمين لما في ذلک من نفع يعود على المجتمع کله .
حيث أشار ( غريب عوض , 2007, 4) أن الانتخابات تعد أحد آليات النظام الديمقراطي المهمة ومن ثم ينبغي تنمية المفاهيم المتصلة بالوعي الانتخابي في ضوء آليات ونظام ديمقراطي يسوده النزاهة0 وأضاف ( رضا عبد الستار , 2000, 9) في دراسته والتي أکدت على ضرورة توفير درجة کافية من الوعي الانتخابي لدى أفراد المجتمع ؛ ليتمکنوا من اختيار نوابهم ويکون مناط سلطتهم مراقبة الحکومة وتوجيهها لما فيه مصلحة الشعب , کما أضافت دراسة (آلان ابراموتز Alan Abramiwitz,2017,894) والتي أوردت أهم العوامل التي تؤثر في الوعي الانتخابي
وتتمثل هذه العوامل في الآراء والمواقف والسلوکيات المتنوعة للمرشحين في مختلف المجالات هذا إلى جانب الصورة الذاتية للمرشحين والتي تتکون في أذهان الناخبين وکذلک التغييرات في الظروف الاقتصادية لأفراد المجتمع , والوضع الاقتصادي للناخبين , هذا إلى جانب ترکيز وسائل الإعلام على قضايا اجتماعية أو اقتصادية معينة تؤدي إلى سلوک تصويتي نحو مرشح دون آخر وفقاً لبرنامجه الاقتصادي المقدم .
ولقد حدث تحول کبير في دول العالم نحو التوجه للوعي الانتخابي والديمقراطية , فکلما زادت التوعية الانتخابية زادت المشارکة في العملية الانتخابية فالتوعية والثقافة الانتخابية تشجعا المتعلمين على صنع قرار مستقل فيما يتعلق باختيار المرشحين , والقدرة على المشارکة في صنع القرار، ولقد کفل القانون والدستور والأعراف والمواثيق الدولية ومنها الدستور المصري في القانون رقم 45 لسنة 2014 قانون مباشرة الحقوق السياسية ففي مادته الأولى نص على " على کل مصري ومصرية بلغ ثماني عشرة سنة ميلادية أن يباشر بنفسه الحقوق السياسية منها إبداء الرأي في کل استفتاء ينص عليه الدستور، المشارکة في انتخاب ئيس الجمهورية ، وأعضاء مجلس النواب، وأعضاء المجالس المحلية0(الجريدة الرسمية الوقائع المصرية ,2014)
وأشار (محمد أحمد , 2011) إلى أن الوعى الانتخابي هو سلوک يتشکل في ضوء منظومة تتشکل من قيم ومعارف المتعلمين وإدراکهم لمصالحهم .مما يؤکد على ضرورة تنمية المفاهيم المتصلة بالوعي الانتخابي حتى يستطيع الفرد أن يمارس حقوقه في مجتمعه وذلک لابد وأن يبدأ من المدرسة .
حيث توجد علاقة وثيقة بين فهم المفاهيم المتصلة بالتجربة الانتخابية داخل المدرسة وممارسة التلاميذ للانتخابات العامة مستقبلاً ؛ وبذلک يصبح الاهتمام بتنمية المفاهيم المتصلة بالوعي الانتخابي لدى المتعلمين من أهم معايير تقدم المجتمعات وبناء جيل مستقبلي واع بما يدور حوله من أحداث , کما أن الاهتمام بالمتعلمين هو في واقع الأمر اهتمام بمستقبل الأمة کلها , وأن إعداد المتعلمين وتربيتهم وتوعيتهم انتخابياً بصورة سليمة يؤدي إلى تحصينهم وإعدادهم لمواجهة التحديات الحضارية التي تفرضها حتمية التطور والتغير الاجتماعي , واستکمال البناء الديمقراطي لمعرفة المزايا والعيوب والاختيار على أسس منطقية0