يعيش المجتمع في العالم الحديث المعاصر طفرة هائلة في التکنولوجية وعالم التقنية المتطورة لتسير حرکة التواصل الاجتماعي، وتسهيل مهام الأداء المهني والتعليمي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي وفي کل المجالات والتخصصات لکن يختلف دور کل مؤسسة في استخدام، وتوظيف هذه المستحدثات التکنولوجية وتطويعها حسب کل مجال وتخصص .
وتعيش المجتمعات الإنسانية عصر العلم والتقدم المعرفي ، فقد اصطبغت أنشطة الحياة بالعلم، فلا شک ان الحضارة الحديثة المعاصرة ماهى الإنتاج للعلم ولتطبيقاته التکنولوجية ، وقد نتج عن الحضارة العلمية المعاصرة العديد من المتغيرات والتطورات السريعة المتلاحقة فى شتى مجالات الأنشطة الإنسانية هذه المتغيرات والتطورات تتطلب تنشئة وإعداد أجيال تتميز بصفات عقلية ومواصفات ذهنية تؤهلهم للتجارب مع تطور العلم والتکنولوجيا (مصطفى ، 2015، ص 45).
وما من شک في أن تباين الأساليب التعلمية للأفراد تجعلهم يختلفون في تفاعلهم مع المثيرات والخبرات، فبيئة التعلم الجاذبة تثير الفضول لدى المتعلم، للتفاعل مع المعرفة من مصادرها المتنوعة، والتکيف معها وفق أساليب تعلمية واستراتيجيات خاصة بکل متعلم. فالمتعلم النشط يميل إلى الحصول على المعلومات وفهمها عن طريق إجراءات عملية تطبيقية، کمناقشتها أو تطبيقها أو شرحها للآخرين، ويميل إلى العمل الجماعي، بينما يفکر المتعلم التأملي في المعلومات بهدوء أولا، ويميل إلى العمل الفردي، ويتطلب هذا توفير محتوى تعليمي يناسب أسلوب التعلم الخاص به، وتهيئة مواقف تعليمية تجعله أکثر نشاطا وفاعلية في العملية التعليمية(رمود ، 2014، ص7 ).
ومن ثم فإن التکيف في تصميم المحتوى الإلکتروني يعمل على تعديل طريقة تقديم المعلومات وفق أسلوب التعلم الذي يميز کل متعلم، فيستطع التقدم وفقا لقدراته الخاصة، والحصول على مساعدات وردود فعل فورية، ويتحقق ذلک من خلال توفير بعدين، هما: نظام تکيف فردي؛ يجعل لکل متعلم خطة تعلمية قائمة على احتياجاته واهتماماته وخصائصه، والثاني: بناء نموذج لبيئة التعلم، والذي يتطلب وجود مناخ ملئ بالبدائل المختلفة والمتنوعة للمهام والاستراتيجيات التعليمية المتاحة، (Hong & Kinshuk, 2004,p494) .
والقرآن الکريم معجزة الله الخالدة ، التي لا يزيدها التقدم العلمي إلا رسوخا في الإعجاز ، أنزله الله تعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات الى النور ، ويهديهم الى الصراط المستقيم ، فکان صلوات الله وسلامه عليه يبلغه للصحابة وهم عرب خلص فيفهمونه بسليقتهم فضلاً عن أنهم قد شاهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا وعاينوا أسباب النزول ما يکشف النقاب عن معاني الکتاب ولهم من سلامة فطرتهم وصفاء نفوسهم وعلو بعضهم في الفصاحة والبيان ما يمکنهم من الفهم الصحيح لکلام الله وما يجعلهم يوقنون بمراده من تنزيله وهداه " ( الزرقاني ، 1419ه ، ص 13 ) .
وتأتي اهمية فهم النص القرآني من انه يعد من اهم الامور التي يجب الاهتمام بها لما لها من دور کبير في فهم کتاب الله , قال إياس بن معاوية :"مثل الذين يقرؤون القران وهم لا يعلمون تفسيره کمثل قوم جاءهم کتاب من ملِکهم ليلاً وليس عندهم مصباح ,فداخلتهم روعة لا يدرون ماقي الکتاب , ومثل الذي يعرف التفسير کمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الکتاب " ( ابن عطيه , 2001 م , ج1 , ص26 ) .
واتقان مهارات فهم النص القرآني تسهم بشکل او باخر في وصولنا الى المقصود وهو فهم کتاب الله عز وجل الفهم الصحيح المستنير , وبذلک يصبح للتعلم اثر ومعنى في اذهان الطالبات , فهن يقمن بربط المعاني الجديدة في نص قراني سابق يرتبط بالنص الجديد في بعض المعاني الواردة فيه "من اهم مبادئ التعلم ذي المعنى ان يقوم المتعلم بإدخال المعلومات الجديدة داخل بنيته المعرفية والربط بينها وبين المعلومات السابقة لتصبح خبرة ذات معنى " ( viola,2007,p.66 ) .
وتولي وزارة التعليم بالمملکة العربية السعودية اهمية قصوى في الآونة الاخيرة بعملية التعلم ذي المعنى , إذ تتبنى اساليب حديثه في التدريس ترکز على استخدام التقنية ," غذ يؤدي استخدامها الى تکييف المنهج مادة وطريقة من حيث السهولة والتعقيد مع قدرات المتعلم , کما تسهم في زيادة عملية التحصيل, خاصة ان ما يقدم ذا معنى يؤدي الى تقدمهم بسرعة ويتذکرون تفاصيل ماتعلموه مدة اطول , علاوة على ذلک انه يقضي على اللفظية في عملية التعلم " ( يونس وآخرون , 1999م , ص 148 ) .
وأعدت دراسة (أکرم ، 2012) دراستها التى استهدفت التحقق من فاعلية توظيف المواقع الاسلامية على شبکة الإنترنت فى إتقان مهارات فهم النص القرآني وتنمية التفکير الناقد لدى طلاب الدبلوم العام بکلية التربية، وأجرى (خليفة ، 2013)هدفت إلى التحقق من استخدام طلاب المرحلة الثانوية لاستراتيجيات فهم النص القرآني والوعى بها ، ومن تحقيق معلمى العلوم الشرعية لها ، ومن الاستراتيجيات الحديثة والتى يمکن أن تسهم بطريقة فعالة فى فهم النص القرآني لطلاب المرحلة الثانوية التعليم الالکترونى التکيفى.
کما أشارت إلى ذلک العديد من الدراسات ومنها دراسة مارا، وجوناسين (Marra & Jonassen, 2002, p. 297)، والتى توصلت إلى ضرورة استخدام بيئات نظم التعلم التکيفي مع الطلاب منخفضي ومتوسطي القدرات، کما أوضحت نتائج دراسة جراف (Graf, 2007, p. 179)، إلى أن توظيف قابلية التکيف کان له دوراً إيجابياً في إدارة نظم التعلم، من خلال الترکيز على أساليب تعلم الطلاب، بتطبيق نموذج فيلدر- سيلفرمن على بعض طلاب الجامعة بالنمسا، من خلال تعلم شخصي يتکيف مع خصائص المتعلمين واحتياجاتهم .