إن تطوير التعليم هو الرکيزة الأساسية في التقدم الذي تنشده جميع الدول في شتى المجالات وعلى جميع الأصعدة وذلک من خلال إجماع المفکرين والمعنيين بأمور التطوير . ويدعم هذا الرأي الکثير من التجارب التي جرت على ارض الواقع منها ما يذکره کراجة (1997م) من " أن التجارب والدراسات أکدت أن التعليم کان وما زال عاملا أساسيا في نمو الاقتصاد الياباني وتطوره . فقد أثبتت الدراسة التي أشار إليها فوجي Fyoji في مقالة عن التعليم کعامل أساسي في نمو الاقتصاد الياباني أن 25٪ من الزيادة في الدخل القومي في الفترة من 1930م- 1955م تعزى إلى أثر التعليم " (ص23) .
ويمثل المعلم أحد أهم عناصر المنظومة التعليمية التي ينبغي أن يشملها هذا التطوير، کونه عضواً فعالاً في إعداد الأجيال الحاضرة والمقبلة حيث يذکر العيافي (1428هـ) حول أهمية دور المعلم :
إن المعلم هو العضو الفعال في العملية التربوية وعليه تقع مسؤولية عظيمة في تربية النشء وإعدادهم , وهو الجسر الذي يربط بين تراث المجتمع وأماله وأهدافه ومبادئه المختلفة وبين واقع التلاميذ وعقولهم عن طريق تبسيط هذا التراث وتلقينه للتلاميذ حتى يؤمنوا به وينشئوا عليه ويترجموه بدورهم إلى سلوک عملي تطبيقي يرضى عنه المجتمع وبذلک يکون المعلم قد حقق أهداف المجتمع وفي نفس الوقت أسهم فعلا في إنشاء أفراد صالحين مخلصين لأمتهم , عاملين على الإسهام في تطوير مجتمعهم (ص53) .
وقد وجهت حکومة المملکة العربية السعودية جهودها لتطوير التعليم والاهتمام بالمعلم کرکن مهم من أرکان العملية التعليمية وذلک ابتداء بالمؤتمر الأول لإعداد المعلمين عام 1394هـ و انتهاءا بمشروع الملک عبدالله لتطوير التعليم العام في عام 2007م و الذي يتزامن تقديم هذه الدراسة مع المؤتمر الرابع له في جامعة أم القرى برعاية کريمة من خادم الحرمين الشريفين . وقد کان من ضمن برامجه التطويرية الأربعة برنامج إعادة تطوير المعلمين والمعلمات و الذي يهدف إلى رفع کفاءتهم التعليمية والتخصصية , وتطوير قدراتهم مهنيا في ضوء مفهوم الکفايات والمهارات والمتغيرات المعاصرة . ويرى الباحث أن الاهتمام بتطوير أسلوب تقويم الأداء الوظيفي للمعلم يعد من أهم عناصر تطوير التعليم عموما والمعلم بصفه خاصة . وقد أشار السيد وميخائيل ( ١٤٠٩ هـ) إلى " أن التقويم والتعليم جانبان لعملة واحدة متکاملة فهو جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية ، ويرتبط بسائر عناصرها ومکوناتها ، ويؤثر سلبًا أو إيجابًا في مسارها ونتائجها" (الخماش , 1428هـ , ص52) .
ولتحقيق الأهداف المرجوة من عملية التقويم , يرىالباحثأن عملية تقويم الأداء الوظيفي للمعلم يجب أن تعطي المعلومات اللازمة التي تعد المرجع الرئيس في بناء وتنفيذ برامج تأهيل وتطوير المعلم . حيث يذکر الدوسري (1421هـ) " أن من بين الأهداف التي يمکن أن تسهم في التحسين من قدرة المعلم على التدريس الحصول على معلومات يمکن الاستفادة منها في تحسين أداء المعلم "(ص490) . إن صدق العملية التقويمية ودقتها يعطي صورة واقعية عن مدى صلاح النظام التربوي , و عليه فان توفير الأساليب العلمية المنصفة والموضوعية لتقويم الأداء الوظيفي يعد من أهم الحاجات التربوية للتعليم عموما وللمعلم بصفة خاصة . وبعد اطلاع الباحث على الکثير من الدراسات التي تناولت النمو المهني للمعلمProfessional Growth , وجد أن من الجوانب المهمة لتحقيق النمو المهني للمعلم : الاعتناء ببرامج الإعداد , وکذلک الاعتناء ببرامج التدريب أثناء الخدمة . و في هذا المعنى , يذکر غانم وسلطان (1403هـ) :
" إن التدريب أثناء الخدمة يعتبر أحد جناحي تربية المعلم أو بالأحرى يجب أن ننظر إلى تربية المعلم على أنها عملية ذات وجهين وجه يتعلق بالإعداد قبل دخول الخدمة ووجه يتعلق بالتدريب أثناء الخدمة . ومعنى ذلک أن الوجهين متکاملان , وما الإعداد إلا بدء طريق النمو المهني ولتأکيد مهنية التعليم " (ص15 ).
وقد تبين للباحث أن هناک علاقة وثيقة بين تقويم الأداء الوظيفي للمعلم وبين تخطيط وتنفيذ وتقويم هذه البرامج مما ينعکس مباشرة على تحقيق النمو المهني للمعلم وبالتالي الارتقاء بمستوى المتعلمين کنتيجة طبيعية للنمو المهني للمعلمين , لذا فقد أوصى المؤتمر الأول لإعداد المعلمين الذي عقد في مکة المکرمة في عام 1394هـ بأن يهدف تقويم المعلم إلى "توفير المعلومات الدقيقة التي يمکن على ضوئها تحسين وتطوير برامج إعداد المعلمين , وکذلک برامج التدريب أثناء الخدمة " ( الزهراني , 1415هـ , ص34) وهذا يتفق مع ما أکده الثبيتي (1413هـ) " بأن عملية تقويم أداء المعلم ممکن أن تساعد في تحديد الکفايات الأساسية التي يمکن إدراجها ضمن برامج إعداد المعلمين وبرامج تدريبهم أثناء الخدمة " (ص12) .
ومن هنا يتضح أهمية الدور الذي يجب أن تقوم به عملية تقويم الأداء الوظيفي لتحقيق النمو المهني للمعلم . وهذا ما خلص إليه الثبيتي (1416هـ) بعد مناقشة أهداف تقويم المعلم حيث أشار إلى" أن اتخاذ القرارات المتعلقة بتخطيط برامج الإعداد والتدريب المهني للمعلمين يعتمد اعتمادا کليا على نتائج عملية تقويم المعلم" (ص57). وانطلاقا من أهمية تقويم أداء المعلم الوظيفي , وارتباطه الوثيق ببرامج النمو المهني للمعلم ( الإعداد – التدريب ) , ومن خلال ملاحظة الباحث قصور نموذج تقويم المعلم الحالي عن تغطية الکثير من الجوانب المهمة التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تقويم الأداء الوظيفي للمعلم - فضلا عن أنه نموذج واحد يطبق على جميع المعلمين بغض النظر عن تخصصاتهم المختلفة - ومن خلال نتائج وتوصيات العديد من الدراسات السابقة التي تناولت تقويم أداء المعلم الوظيفي في المملکة العربية السعودية مثل دراسة الثبيتي ( 1413هـ) , دراسة الثبيتي (1416هـ) , دراسة القرني (1416هـ) , دراسة الزايدي (1423هـ) , ودراسة قاضي ومبارک (1413هـ) ودراسة البريکان (1423هـ) ودراسات أخرى والتي أوصت جميعها إعادة صياغة عناصر البطاقة بحيث يختص کل عنصر بجانب واحد لتسهل المتابعة.
وبعد اطلاع الباحث على نموذج البروفسور روبرت مارزانو (2011م ) لتقويم المعلم وإحساسه بأهمية الاستفادة منه في استحداث بطاقة تقويم أداء وظيفي لمعلم اللغة الانجليزية , اقترح الباحث بطاقة لتقويم الأداء الوظيفي لمعلم اللغة الانجليزية في ضوء هذا النموذج