يعتبر التأريخ للمقاومة المغربية وجيش التحرير عملية إبستيمية لا تستثنى من المخاطر التي قد يقع فيها المؤرخ، وذلك بسبب حداثة الحدث التاريخي، إضافة إلى تناقضات الرواية التاريخية أحيانًا، وندرة الوثائق التاريخية باعتبارها -أي الوثيقة التاريخية-شاهدة على الحدث. كما ما يزال الحدث التاريخي، حدث المقاومة المغربية خلال خمسينات القرن الماضي، يعيش فينا ومعنا بحمولته التاريخية وتوظيفه في سياقات متعددة. هكذا يصبح التأريخ للمقاومة المغربية وجيش التحرير مأمورية صعبة على المؤرخ، وجب عليه، عند خوض غمارها، التسلح بالعدة المنهجية، إضافة إلى انفتاحه على العلوم المجاورة للتاريخ، سواء العلوم التي درست الإنسان في جزئيته كـــعلم الاجتماع وعلم النفس، أو العلوم التي درست الإنسان في كليته كــــعلم الإناسة (الأنثروبولوجيا). لذلكـ، تصبح عملية التأريخ للمقاومة المغربية عملية منهجية متكاملة يتوخى الباحث، من خلالها، كشف الأحداث الغامضة التي ظلت مغيبة في تاريخ المقاومة، كما يهدف إلى وضع قطيعة معرفية مع السائد المتخيَّل حول تاريخ المقاومة المغربية خلال خمسينيات القرن الماضي، بنفس ما يعمل على تثوير المعطى الأساسي المؤرخ لهذه المرحلة، بغية الكشف عن كنهها. هكذا جاءت دراستنا حول منظمة الهلال الأسود كمحاولة لتسليط الضوء على إحدى منظمات المقاومة التي ظل تاريخها مغيبًا أحيانًا، ومشوها أحيانًا أخرى؛ وذلك بهدف كشف الغموض عن سنوات طالما وصف الفاعلون السياسيون، والمؤرخون، على حد سواء، بالسنوات الغامضة. وقد عرجنا في دراستنا على تبيان الصيرورة التاريخية لمنظمة الهلال الأسود، مع تسليطنا الضوء على معطياتٍ ظلت مخفيةً من تاريخ المنظمة، وكذا إسهامات المنظمة في العمل الثوري المغربي من خلال العمليات التي قامت بها إبان المرحلة التي شهدت أوجَها؛ منتقلين للحديث عن أفولها التراجيدي؛ ومسلطين الضوء على بعضِ الهفوات التي نشرت عن المنظمة.
 
الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
آدم الحسناوي، "مقاربة جديدة لفهم تاريخ المقاومة المسلحة بالمغرب خلال خمسينيات القرن الماضي: منظمة الهلال الأسود أنموذجًا".- دورية كان التاريخية.- السنة الرابعة عشرة- العدد الرابع والخمسون؛ ديسمبر 2021. ص 147 – 166.