لقد أسفرت القفزة المُتطورة التي حققتها المجتمعات الحديثة في أکثر من صعيد عن ظهور الصحافة التي تُعَدّ الجرائد من أهّمها، کونها تتيح مجالاً واسعًا للحديث عن ما يُرافق المجتمع من أزمات ومشاکل وأنَها أيضا قنوات لنقل الأخبار وتبادل الأفکار، لکن على الرغم من أهميتها إلاَ أنَ الجزائر لم تعرف هذه الظاهرة إلا مع مطلع القرن العشرين أين توالى صُدور الصحف على أيدي الأفراد والأحزاب السياسية والجمعيات الثقافية والدينية تنوعت حسب مجالات اهتمامها من بينها الجرائد التي أصدرتها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وهي کلها ذات طابع ديني تمَ اعتمادها کوسيلة فعّالة لتنمية العُقول من خلال إلقاء القارئ في بحر من الأفکار الدينية الإصلاحية وقد استطاعت أنْ تجد بابًا مفتوحًا إلى الجزائريين حيث شدّت أنظارهم وکانت لهم بمثابة شُعلة تُضيء الطريق أمامهم والاستعمار مُخيّمٌ عليهم بظلمه وظلامه. وقد اتضح أنَ الجرائد الإصلاحية التي أصدرتها جمعية العلماء المسلمين في ظروف قاسية جدًا بصرف النظر عن قوة التأثير أو ضعفه تُعدُّ مرجعًا من مرجعيات العظة العقلية والرُوحية وکذلک غطاءً واقيًا من تظليلات وتطلُّعات الايدولوجيا الاستعمارية لصبّها کل الاهتمام على نشر الوعي الديني وأخبار العالم الإسلامي برُّمته، وکذلک لدعوتها أفراد المجتمع الجزائري إلى الدفاع عن ثوابته وقيّمه وأصالة تُراثه بنشر المقالات والخُطب التي تُهيّئُهم نفسيًا للتخلُّص من سيطرة موجة الفرنسة والتغريب ويهتدي إلى الطريق الذي يُمکّنه من الخطو بخطوات ثابتة نحو النهضة يکون أساسها العلم الصحيح والإيمان بالذات والعودة إليها.

الاستشهاد المرجعي بالمقال:
معيوش براهيم، "الصحافة الإصلاحية في الجزائر خلال الفترة الاستعمارية الفرنسية: جرائد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أنموذجًا".- دورية کان التاريخية.- السنة الرابعة عشرة- العدد الحادي والخمسون؛ مارس 2021. ص 131 – 138.