بدأت فکرة المغرب العربي والتعاون بين أقطاره والتضامن بين شعوبه ما فتئت تحتل مکانًا بارزًا من اهتمامات الحرکة الوطنية في کل من تونس والمغرب الأقصى والجزائر منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، وارتبط نضال الحرکات الوطنية المغاربية بفکرة الوحدة تأکيدًا على الوحدة التاريخية والهوية المشترکة، ومن أجل التضامن لمواجهة العدو المشترک، حيث تطور النشاط الوحدوي المغاربي في إطار نجم شمال إفريقيا ثم في إطار النضال الطلابي المغاربي المشترک، وبعد الحرب العالمية الثانية تبلور العمل المغاربي المشترک في إطار جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية وفي مکتب المغرب العربي بالقاهرة ولجنة تحرير المغرب العربي، لکن منذ 1948 بدأت ملامح التملص والتباين الإيديولوجي من العمل على مستوى مغاربي داخل اللجنة تتضح جليًا، وذلک بانقسام الوطنيون المغاربة إلى اتجاهين: اتجاه يدعو للعمل المسلح الثوري بقيادة "عبد الکريم الخطابي"، واتجاه ثاني داخل لجنة تحرير المغرب العربي تدعو للعمل السياسي القطري بقيادة رئيس حزب الدستور والأمين العام للجنة الحبيب بورقيبة وفقا لمبادئ حزبه، وکان من نتائجه أنّ انطلاق المقاومة المسلحة في المغرب العربي کان غير متزامن وغير منسق، ففي تونس بدأت بمبادرات فردية ثم عممت بدءًا من مارس 1954، أما في المغرب الأقصى بدأت حرکة المقاومة بعد خلع الملک "محمد الخامس" في أوت 1953، وفي هذه الفترة کان حزب الشعب الجزائري-حرکة انتصار للحريات الديمقراطية- غارقًا في أزمة داخلية بين المرکزيين والمصاليين، فأعضاء المنظمة الخاصة سارعوا إلى التحاق برکب الحرکة الثورية في تونس والمغرب الأقصى وتفجير الثورة التحريرية في نوفمبر 1954، فوجدت فرنسا نفسها أمام تخوض حرب في کل أقطار المغرب العربي، وبذلک سارعت في فتح المفاوضات مع کل من تونس والمغرب الأقصى والتي انتهت بمنحهما الاستقلال الذاتي سنة 1956.

الاستشهاد المرجعي بالدراسة:
رفيق تلي، "العمل الوحدوي ما بين دول المغرب العربي 1926 - 1954".- دورية کان التاريخية.- السنة الرابعة عشرة- العدد الحادي والخمسون؛ مارس 2021. ص 114 – 130.