تکمن الغاية من هذا البحث تسليط الضوء على النظريات العربية التي حاولت تفسير ظاهرة المدّ والجزر في البحار بشکل علمي، وذلک ضمن الفترة الواقعة بين القرنين (3-10هـ/ 9-16م). حيث إننا اتبعنا فيه المنهج التاريخي المقارن، وذلک لتحديد الإضافات التي قدمها العلماء العرب والمسلمين على معارف الحضارات السابقة. وبعد إنجاز هذا البحث توصلنا إلى عدد من النتائج، ومنها: لقد قدم لنا الکندي نظرية جديدة أراد من خلالها تفسير ظاهرة المد والجزر في البحار وفق رؤيته الخاصة (وإن لم تکن دقيقة وفق نظرياتنا الحالية)، لکنها لم تکن مأخوذة عن أي عالم سابق له. کما قدّم لنا تصنيفه للمد الطبيعي على أساس يومي وشهري وسنوي. قام أبو معشر البلخي بتحديد العوامل الأساسية لحدوث ظاهرة المد والجزر في البحار وهي حالة موضع الماء، وحالة الماء نفسها، وانتقال القمر في أطواره. کما قدم لنا أبو معشر البلخي –ربما-أول صياغة رياضياتية تمکن الراصد من التنبؤ بساعة المد والجزر. وانتبه إلى وجود ثمانية أسباب تؤثر على قوة المد وضعفه. حاول البطروجي أن ينحي أثر القمر في ظاهرة المد والجزر، معتبر أن السبب هو حرکة السماء التي تعلو کتلة المياه في البحار. وقدم لنا عبد القادر البصري مناقشة واسعة جدًا، وقد أورد –ربما أول مرة-مقارنة تشبيهية بين جاذبية القمر لمياه البحر وجاذبية المغناطيس للحديد، ليقترب بذلک کثيرًا من مفهوم الجاذبية.

الاستشهاد المرجعي بالمقال:
سائر بصمه جي، "نظريات تفسير ظاهرة المد والجزر في البحار عند العلماء العرب بين القرنين (3 -10هـ/ 9 - 16م)".- دورية کان التاريخية.- السنة الرابعة عشرة- العدد الحادي والخمسون؛ مارس 2021. ص 43 – 49.