يروم هذا المقال إلى الکشف عن أهمية کتب الإخباريين المغاربة وقيمتها التاريخية خلال العصر الحديث، باعتبارها مواد مصدرية ثمينة في الکتابة التاريخية في مستوياتها المختلفة، فهي تتميز بتحريها لمواضيع متنوعة، وبانتظام أسلوبها في الکتابة، إذ تعرض الحدث ثم تعقبه بذکر التفاصيل، وتتناول التواريخ واحدة بعد أخرى حسب تسلسلها التاريخي، وتقف على مواضيع سياسية وإدارية واقتصادية وديمغرافية وثقافية، ولا تغفل الظواهر التاريخية مثل الجفاف ودورية المجاعات والأوبئة وارتفاع أسعار الحبوب وغلاء المعيشة وآثارها الاجتماعية. وتمثل إخبارية "مناهل الصفا" للفشتالي، و"المنتقى المقصور" لابن القاضي، و"تاريخ الدولة السعدية التکمدارتية" لمؤرخ مجهول، و"نزهة الحادي" للإفراني، و"نشر المثاني" للقادري نموذجًا معبرًا لهذا النمط من التأليف، ورغم حمولتها السياسية فإن متونها المصدرية تحمل دلالات وأبعاد وغايات تتطلب جهدًا لاستنطاقها. نظرًا لأهمية هذه الدراسة بذلت أقصى الجهد في أن أنهج نهجًا علميًا خالصًا، لا أميل مع الأهواء ولا أتعصب لرأي، ولم يکن يحفزني إلا الموضوع نفسه، ولم يکن بد من آخذ نفسي بتحري المنهج التحليلي والوصفي والمقارن حتى أتمکن من الإجابة عن الإشکالية والتساؤلات التي وضعتها، لذا سأعرض في هذه المساهمة البحثية دور هذه المؤلفات في تقدم الکتابة التاريخية خلال العصر الحديث، وأهميتها في المعالجة التاريخية بمختلف مستوياتها، وکشف نواقصها، وحدود وقيود الإخباري في ظل ارتباطه بالسلطة.

الاستشهاد المرجعي بالمقال:
محمد المنتفع، "النمط التأليفي في الکتابة الإخبارية المغربية خلال العصر الحديث".- دورية کان التاريخية.- السنة الثالثة عشرة- العدد الخمسون؛ ديسمبر 2020. ص192 – 198.